من ديوان أشجان حصرية لمحمد الشيخ علي

خرجتُ لتوي من ظهر العدم
شعرتُ أنني في هذا الكون
الأعز والأهم
وأنني أول الخلق
وخير من انجبته أم
هكذا شعرتُ..
والمشاعر في مثل حالتي
قد تكون وهما بوهم..
تنبهت عندما اوقفني حارس
يرفعُ فوق رأسه
راية زرقاء
أسماها علم
طلب مني هويتي
بعد أن سالني
عن بلدتي ووجهتي والاسم
فناولته
مِزْقةٌ ورثتُها عن جدي
الذي ورثها عن جده فجده فجده
إلى ما قبل بناة الهرم..
تصفح الغريرُ هويتي
ولم يتبين فيها
رقما ولا رسم
سالني عما لم يفهمه فيها من ريح ولون ووسم
فقرأت له رموزها
واشرت إلى بصمتي
ورائحتها التي فاحت من راحتي
وخيوطها التي نسجتها عمتي
وحروف اسمي وأسماء من سبقوني في قريتي
وخاتم جدي وتطريز جدتي
وخطى الأزمان في دروب بلدتي
 وقطرات العرق التي روت حنطتي
وسيول الدم التي فاح ريحُها من تحت الردم..
فإذا به لم يكتفِ بما أوتي من علم
وقرب المزقة إلى عينه وأنفه والفم
فاغرورقت عيناه
وأغرق وجهه فيها
لمسا ولثما وشم
حتى ظننت أن للخرقة
رائحةً غير رائحة الطين
وطعما غير ذات الطعم
ثم قبلها وطبقها
ووضعها في جيبه
بين قميصه واللحم
وادعى أن هذه المزقة
من ثوب يوسف
الذي كشف به الله العمى عن يعقوب
 وشفاه من السقم