في مديح الكائنات

(0)
Publisher: Dar Alnassim
Year: 2022

 انطلقت فكرة مجموعة في مديح الكائنات من الاعتقاد السائد بأن الميت حين يموت، وفي لحظة الموت ذاتها يرى شريط حياته أمام عينيه يجري، وذلك قبل أن تغلق عيناه للأبد، وقد كنت كتبت قصة قبلا تقول إن حكيما يخبر أحد أولاده إن آدم أبو البشر رأى حياته في لحظة موته ولكن بمسارات مختلفة بترتيب غير الذي عاشه حتى أنه في هذا الشريط الذي رآه مات أيضا وفي لحظة الموت الجديدة رأي حياته بترتيب مختلف عن التي عاشها في مخيلة آدم ومختلفة أيضا عن الحياة التي عاشها آدم نفسه.  

وهكذا دواليك، أن كل الخلق ما هم إلا ترديد لحياوات رآها آدم في لحظة موته وهذا يفسر لماذا المولود يبكي لحظة وصوله إلى الدنيا فهو يبكي على جده آدم الذي يموت الآن في لحظة موت لا نهائية، ومتداخلة قد تستغرق في حياة آدم بضع لحظات لكن بتكرارها من داخلها وكأننا نغوص في سرداب لا نهاية له، تبدو طويلة جدا بطول الحياة كلها، فقررت أن أفعل ذلك ليس مع أحداث حياتي بل مع تاريخي السردي والقصصي فأغيّر وأقطّع وأدمج وأجمع، أمحو وأغير ترتيب الأحداث وساعدني على ذلك أن القصة القصيرة فن مشاغب لا محدود لا يتأبى على التحديد يأخذ أشكالا وأحجاما وطرائق عدة ربما مثل الأميبا التي تسافر في الكون بلا شكل ولا لون لكنها تتحرك وتتكاثر وتعمر مستعمرات كبيرة، كل واحدة من الأميبا لها إيقاعها الخاص ولحنها الفردي، هكذا القصة القصيرة في خلدي دائما هي المشاغبة الطيبة الناعسة الشرسة المغامرة الحنون القاتلة في نفس الآن، هي كائن حي يخترع لحنه المنفرد وطرائقه المنفردة وإيقاعه الفردي، كل قصة هي مغامرة جديدة تختار ثوب المغامرة التي تريد وإيقاع المغامرة ترقص في الفراغ على لحن تخلقه هي.