حلم لم يكتمل

(0)

شاءت الاقدار ان تصدر اولى كتاباته بعد الرحيل ويسرد الحكاية الكاتب الصحفي عصام عبد الفتاح:

الراحل محمود السعيد
(حُلم.. لم يكتمل)
كلمة أولى

القدر وحده هو من ساق إبداعات هذا الشاب الراحل الجميل (محمود السعيد) ليضعها في طريقي.. عندما تحملت مسئولية مراجعة وإعداد كتاباته للنشر فى ديوان شعر.. وكتاب يحوى خواطره.. وكتاباته وهذا هو الذى بين يديك الآن عزيزي القارئ.. ترددت فى البداية.. ثم وافقت مبدئيًا.. واشترطت على دار النشر التى تتولى الطباعة والتوزيع أن أقرأ أولًا.. قبل أن أوافق بشكل نهائي ـ وهذا سيكون استثناء ـ أو أرفض.. وتلك هي عادتى المتوقعة فى مثل تلك الأحوال.. ربما ما دفعنى للموافقة المبدئية ـ المشروطة بالقراءة ـ كان تفاعلى.. وتعاطفى الإنساني عندما شاهدت صورة المؤلف.. وعرفت أنه طبيب صيدلي شاب تُوُفِىَّ فجأة.. وهو فى قمة الشباب والحيوية.. والإنطلاق.. ثم تسلمت ملف كتابات محمود السعيد.. لأكتشف ما لم أتوقعه بالمرة.. وجدتنى فجأة أمام شاعر مختلف.. وكاتب.. ذى فلسفة خاصة جدًا.. باختصار: فنان.. مُبدع.. نعم.. بكل ما تحمله تلك التوصيفات من معانى.. كان عليه رحمة الله كل هذا وأكثر.. أفكار كتاباته التى صاغها بالعامية المصرية.. تتفجر بمعانى جديدة جدًا.. رائعة.. تمامًا مثل روعة صوره الشعرية المفاجِئة لكل من يقرأها.. وكأنها قصائد مجهولة لـ (أمل دنقل).. وكلًا من الكتابات والأشعار: مزيج من تأملات (جان جاك روسو).. وشكوك (ديكارت) العقلية.. وفلسفة (فولتير) الراقية.. خيالاته وكأنها مستحدثات (بودلير) اللغوية.. كلماته وكأنها منحوتات من فيروز شطآان (وداى عبقر) حيث يسكن أرباب الشعر ..

....
عمومًا.. بقدر صدمة أسرة محمود وأصدقائه.. ومحبيه لوفاته المفاجئة فى العشرينات من عمره.. إلا أنهم جميعًا يشعرون أنه ما يزال يعيش بينهم.. لم يغيبه الموت.. بدليل أنهم بعد عام ونصف من فراقه.. لا يزالون يتبادلون أشعاره.. وكلماته.. ويعيدون نشرها بشكل شبه يومى على صفحاتهم الخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. وفى النهاية تلك هي إرادة الله.. فالعباقرة دائمًا يموتون صِغارًا.. يموتون.. ويرحلون بأجسادهم لتبقى كلماتهم دومًا.. لا تموت..
الكاتب الصحفى
عصام عبد الفتاح
حلم لم يكتمل
محمود سعيد
دار اﻹسلام للطباعة والنشر