حرب البنفسج

(0)
بقلم: احمد جمعة
التصنيف: روايات
الناشر: دار الفارابي
عام: 2018

 مفاجأة : عودة حرب الرقيق / بحرب البنفسج!

بروايةِ حرب البنفسج التي استغرقت مني عامين ونيف وفاقت صفحاتها الخمسمائة صفحة واختزلت حروب تجارة الرقيق من جهة وحروب القراصنة والبحرية البريطانية من جهةٍ أخرى، بالقرنين الثامن والتاسع عشر، وقف المقيم السامي البريطاني مزهوًا وحزينًا بعد وفاة القرصان وعابر البحار والمحيطات الرئيس الشيخ سليمان بن أحمد السليط الهلالي...قال المقيم المسامي: وأخير رحل القرصان...قالها بلهجةٍ حزينة وكأنه يرثي القرصان الذي أذاقهم مرارة المواجهة طوال نصف قرن عبر البحار وأفسد كثير من خططهم ورغم ذلك كانتمواجهة تمت بين الرئيس سليمان والمقيم البريطاني: بدا التفاهم بين الإثنين من موقف القوة بينهما، فبرغم أساطيل بريطانيا العظمى بذلك الوقت إلا أن بريطانيا اعترفت بلسانِ ضابط البحرية داوود لنج بأن الرجل الذي أذاق الأساطيل الغربية مرارة الاندحار بسفنهِ الخشبية العابرة للمحيط، مات عن شيخوخة وليس هزيمة في البحار...كان قرصان ولكن سعى لتحرير العبيد الذين كانت تجلبهم سفن تجارة الرق...دعم الفقراء وأنقذ سفن من الغرق وجاب محيطات واستولى على كنوز وخزائن من ذهبٍ وزرع الرعب بكل سفينة تعبر البحار...خلق من فتاة صغيرة ترعرعت فوق ظهر سفينته وقد أسماها بنفسج لتقود من بعده حروبه التالية...صنع معجز بين واقع وخيال رحل بسكينةٍ وهدوء على أرض لم يرها طوال عشرين عامًا قضاها بين محيطات سقفها السماء...

من ولاية صور العمانية بالعام 1868 انطلقت حملة بريطانية يقودها ضابط بحرية انجليزي يدعى "داوود لنج" لتحرير العبيد من تجارة الرقيق التي بلغت ذروة ازدهارها في المنطقة على يد قطاع الطرق البحرية، وعدد من حكام المنطقة المحليين حينذاك ومعهم بعض المسئولين المتنفذين في التاج البريطاني ممن تربطهم علاقات بالمنطقة ووجدوا بتجارة الرقيق وسيلة للإثراء، تصطدم خطة الضابط البريطاني بحرب يقودها قراصنة محليين يمتلكون سفن هائلة الحجم وجيوش محلية تساندهم، يخوضون حربهم مع بعضهم البعض، ومع حكام المنطقة المحليين من جهة أخرى للسيطرة على الإمارات الخليجية التابعة للتاج البريطاني...

هذه الرواية فوجئت مؤخرًا وبعد ثلاث سنوات من ترشيحها بأحد الأصدقاء يخبرني بأنها اسْتبعِدت في اللحظات الأخيرة من دائرة الترشح بإحدى الجوائز العربية بعدقبول ترشيحها بسبب غير معلوم ... كانت حجة اللجنة أو بالأحرى رئيسها تساؤله: من هو الشيخ الرئيس سليمان بن أحمد السليط الهلالي...؟؟؟!!!

"حرب البنفسج" استغرق انجاز الرواية بصورتها الملحمية في 592 صفحة حجم الوسط، سنتين ونصف عمل، بين آلاف من الوثائق البريطانية والبحرينية والخليجية، التي تتناول مرحلة تمتد من القرن الثامن عشر حتى نهاية القرن التاسع عشر، وقد صادف أن أنجزت الرواية في فترة سياسية واجتماعية حرجة تمر بها منطقة الخليج العربي اليوم وتشهد صراعاً بين مراكز القوى على النفوذ والثروة والسلطة وتعيد بنا الذاكرة لحقبة الاستعمار التي شهدت صراع القوى، بين الدولة البريطانية والتوسع البرتغالي ومحاولة الهيمنة العثمانية، تلك هي ملامح الرواية التي تلخص صراع القوى المحلية والعالمية على المنطقة.

"حرب البنفسج" رواية صدرت عن دار الفارابي بيروت سنة 2018تروي تفاصيل حروب الرقيق والاستعمار وسلطة ونفوذ بين رؤوس قوى عظمى حينها بالقرن الثامن عشر، مع تفاقم الاشتباك بين حربٍ استعمارية وتجارة الرقيق وقرصنة سياسة وقبلية في المنطقة الخليجية بتلك الفترة المظلمة... ومحاولة الحلف التركي العماني غزو إمارة البحرين حينذاك.

بشراسة متناهية مدى فصول ملحمة محنة انسانية ودموية تخلقت وسط خضم اشتباك شرس استعماري شهدته منطقة الخليج العربي بأوجِ الاجتياح الأوروبي والفارسي والتركي على النفوذ، بالتزامن مع انتشار الاتجار بالرقيق الذي رغم ادعاءالاحتلال البريطاني بمقاومته لكنه ظلّ مختبئاً تحت معطف هذه الدول تسعى لاستغلاله.

أحداث ضارية من ساحل صور بعُمان وتتراكم حتى تنتشر في أرجاء المنطقة من خلال حروب ومواجهات بين مختلف الأطراف منها تجار الرقيق والقراصنة والوجود التركي الفارسي مع الاحتلال البريطاني وكلها تتراكم لتشكل منعطفاً لتوجيه الأحداث.

تسرد الرواية بصرامةخرافة!! قرصان خليجي هو الرئيس الشيخ "سليمان بن احمد السليط الهلالي" الآت من وراء العالم السفلي حشد جموع البشر حوله وقاد خمس سفن عملاقة في حروب وصراعات دامية اختلط فيها الخيال بالواقع ليشكل محور الأحداث التي يقود نارها الغزو الأجنبي للمنطقة، يتخلل ذلك علاقات اجتماعية معقدة تشمل الحب، والكراهية والموت والحياة مع الفقر، ضمن خيوط الصراع على البقاء، تدخل الرواية في سرد قصة فتاة تدعى "بنفسج" كانت تنتمي للرقيق، منحدرة من قاع الرق المظلم ومعها شاب من الرقيق أيضاً يدعى "مؤيد" قادم هو الآخر من أسفل حافة الاستغلال البشري المتمثل في التحرش الجنسي به من قبل أولئك المتاجرين بالبشر لتنسج علاقة غامضة بينهما سرعان ما تتكسر على حافة الحرب التي تنشب ويكون وقودها فقراء ومعدمين ومهمشين، لتتصاعد وتشهد محاولات التحالف التركي منذ ذلك الحين غزو البحرين وينكسر الغزو على شواطئ الجزيرة الهادئة لتنهض من نومها على تحولات جذرية.

تنبثق بضراوة دامية "بنفسج" فتاة رقيق منحدرةٍ من قاعٍ مظلم لتقود سفن حربية ولاها إياها الرئيس سليمان السليط في معركة أسطورية وقودها السفن والبشر لتتطور لاشتباكِ قوى عالمية على المنطقة في رحى موت وحياة، البقاء فيها للأقوى.

يقول دكتور مارك هوبز المتخصص بتاريخ الخليج بالمكتبة البريطانية:

" في شبه الجزيرة العربية والخليج العربي، واجه البريطانيون نوعاً من الرق يزيد تأصله من الجانب الاجتماعي عن الجانب التجاري. ورغم أن العبيد كانوا يُجلبون من مناطق بعيدة مثل شمال أفريقيا وشبه القارة الآسيوية، إلا أنهم كانوا مندمجين بشكل عام في المجتمع، حيث حُولوا - قسراً في الغالب إلى الإسلام وعاشوا إلى جانب العائلات التي كانوا يخدمونها. وقد حصل الكثير من العبيد على حريتهم في حينه. وقد شكلت النساء نسبة عبيد أعلى مقارنة بالرقيق في المزارع الأمريكية. وعمل معظمهن كخادمات في البيوت، أما معظم الرقيق من الرجال فقد عملوا في الصناعات الاقتصادية الرئيسية بالمنطقة، صيد اللؤلؤ وزراعة النخيل"

ضمن هذا الطقس القاسي المشوب بالحرب والموت والحب والكراهية والصراع على البقاء تدور أحداث الرواية ضمن حرب القرصنة والرقيق والاستعمار ومحاولات غزو الدول في المنطقة من قبل الإمبراطوريات، البرتغالية والبريطانية والتركية والفارسية، التي اختلطت فيها مصالح استعمارية بتجارةِ الرقيق بالقرصنة، بالإضافة إلى حرب ضروس شنتها الطبيعة على المنطقة فشهدت موت الآلاف بالمجاعة والأوبئة وفرار المئات من وجه الطبيعة نحو حتفهم.

رواية، شاقة تروي تفاصيل حروب الصغار والكبار على العروش...

مزيد من القراءة