مخاوف المدن والقصائد

سيجعلني النصُّ أعمى

ويحرقُني شوقُهُ ثمَّ أشقى

وأشقى . .

وتأسى ضلوعي

يطلُّ . . . .

فيدنو البعيدُ

أحقاً تريدُ ؟

تعبِّئ ما تشتهي في سلالي

ويملأ من نعمياتي المريدُ

فمنْ أين جاء الجدود العبيدُ ؟

وكيف تزامنَ هذا النشيدُ

مع الخوفِ و المدنِ المشتهاةِ . . . ؟

وأخجلَني أن أردّدَ كالببغاء . .

و تُنصتَ

حتى يُتاحَ لعين المدينةِ ما تستزيدُ

هيَ الآنَ ترخي جدائلَها

كالملائكةِ . . .

النورُ غطّى جناحاً

و أسدلَ ليلاً

يُغطّي البقيَّةَ من حسنِها

لا تبوحُ بقنديلها المجدِ والتاجِ

إن المدائنَ تدمنُ

فرحتَها . . . خوفَها

حين تكبو خيولُ المغولِ على بابها

القرمزيِّ

وحين يظلُّ لفرساِنها صولجانُ الرجولةِ

إنَّ لبعض القصائدِ نكهتَها كالنساءِ

بُعيدَ احتجابِ الندى في مراشفِها الجامحةْ

لينسكبُ المشهدُ المستثارُ

وترسمُهُ مقلتاها كما يشتهي

الحرفُ والشجرُ الوارفُ

فيشهدُ أني كمالُ نضارتِها العارفُ

وأن المدينةَ أنثى

تحاول نشرَ الحريرِ الشفيفِ

لتُبرِزَ ما خبَّأتْهُ المحاسنُ ليلَ الزفافْ

تقولُ لأحبابها، والثمارُ تدلتْ :

أنا الشجَرُ البكرُ

مَنْ ينصفُ المَهرَ وقتَ القطافْ ؟

و إن المدائنَ تدمنُ

قسوتَها في زمان المصالحِ و الإختلافْ

وتفسدُ زينتَها

في الحروبِ

وليستْ تتوبُ

أَغطّى جبينَ القصيدةِ

عريُ المدينةِ ؟

أخفقَ فيه الكلامُ الرتيبُ

أمَ انِّ المدينةَ

راقدةٌ في فراشِ المُرابي ؟

وكلُّ الجمالِ الذي فاضَ من راحتيها

كذوبٌ كذوبُ!

أحقاً تريدُ ؟

فلولا الأنوثةُ ما كان يرجى ائتلافْ

ولولا الأنوثةُ ما يفضحُ الماءُ عقمَ الجفافْ

وما دارَ خلفَ المقاعدِ ما كادَهُ المرجفونْ

و ما كانَ قيسٌ توارى لتقتلَه لوثةُ العاشقينْ

إذن هل ستأخذني المدنُ . . الشعرُ . . خوفاً

إلى شجْرةِ التوتِ ؟

هل تحسنُ الظنَّ بي شجْرةُ العائلةْ ؟

وكيف أطوّفُ بين المخاوفِ ؟

أبحثُ عن شمسها الآفلةْ

وعن عاهةٍ في حزام الفرزدقِ

تهجو قبائلَه القاتلةْ

كأن التبرجَ مفردةٌ في احتضار العصورِ

ورمزُ الغموضِ بأشعارنا الهابطةْ !

ولنْ تستغيثَ

الحكايةُ بالشاهدِ الزورِ

تشبهُني مدني . .

إنْ رأيتُ

و أشبهها في القصائدِ

إن كنتُ أعمى

أحاولُ عودتَها الراحلةْ

مخاوفُ شتّى . . .

تعاجلُ أحلامنا الآجلةْ

مخاوفُ . .

شؤمٍ

كأنا قصائدُها القاحلةْ !