كتاب أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي

كتاب أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي بين العقل الفاعل والعقل المنفعل

عرض وتحليل: بسمة الجالودي، رئيسة تحرير "صحيفة المرأة"، نيويورك ندوة لمناقشة كتاب جديد - المقر الرئيسي للأمم المتحدة بنيويورك

المؤلف: علاء الدين الأعرجي الطبعة الأولى: دار كتابات،بيروت،2004 الطبعة الثانية: دار" رياض العلوم للنشر والتوزيع"، الجزائر، 2005 الطبعة الثالثة: منقحة ومزيدة، دار أخباراليوم، القاهرة، مايو/أيار 2009.

تتضمن هذه الورقة أربعة فصول :1) مقتطفات موجزة من تعليقات الصحافة ؛ 2) موجز عن فحوى الكتاب؛3) ندوتان لمناقشة الكتاب؛4) خلاصة وتحديد نقاط الجـِدَّة في الكتاب .

أولا- مقتطفات من أقوال بعض الصحف والمجلات بشان الكتاب: 1- مجلة الكفاح العربي، بيروت، 2/10/2004: "خطاب جريء قد يصدم ويثير، إذا وضعنا واقعنا المرّ بلا رتوش أمام القارئ". . ." فبقدر ما يتحرر الإنسان العربي من العقل المجتمعي في جانبه السلبي ومن عقله المنفعل باستخدام عقله الفاعل، يكون قادرا على الإبداع ، مفتاح تقدم الأمم وانطلاق الحضارة ". 2- صحيفة " النهار" ،بيروت، 9/10/2004 :"كتاب علاء الدين الأعرجي “أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي” يتضمن خطاباً جريئاً يدق ناقوس الخطر ليوقظ النيام ويـُسمع الصُم، إذ كيف يتمكن الإنسان العربي من النهوض والتقدم وعقله مكبل بأغلال الذات وقهر الآخر؟ ويتصدى الباحث لمسألة الإبداع والاتباع وعلاقتهما بأزمة تحرير العقل العربي، ويميل إلى تأكيد اتباعية العقل العربي مقابل غربته عن الإبداع". 3- صحيفة "السفير"، بيروت، 19/10/2004: "الكتاب يشدد على التفريق بين العقل والفكر ويركز على الأسباب التي تجعل العقل العربي سجينا في <<زنزانة القهر الاجتماعي والسياسي>>، ويطرح حلولاً لتحرير هذا العقل، بهدف الوصول إلى إنسان قادر على الإبداع والعطاء، فيفرق بين العقل المنفعل الذي يميز بين الصح والخطأ في إطار مجتمع معين، والعقل الفاعل أي <<الملكة الطبيعية التي تولد مع الإنسان ثم تضمر تدريجيا". 4- صحيفة " الأسبوع " تصدر في القاهرة ونيويورك، في نفس الوقت، 22/10/2004:"خطاب يطرق ناقوس الخطر ليوقظ النـُوَََّم، ويُسْمِعَ الصُمَّ، لكنـَّه يفتحُ بابَ الأمل ويَحْـفِـزُ على التفكير والعمل، ويحاول الإجابة عن بعض التساؤلات الصعبة: لماذا فشل العرب في النهوض والتقدُّم، ومنافسة الغرب، في حين تمكـّـنتْ أممٌ أخرى من ذلك؟ ولماذا بقيَ العرب ممزّقين بين ضغوط الماضي وضرورات الحاضر، وفشلوا في التوفيق بين الأمرين؟ كيف يتمكن الإنسان العربي من النهوض والتقدُّم، وعقلـُه مكبـّل بأغلال الذات وقهر الآخر ؟هل ثـمَّة "عقل مجتمعيّ"، قاهر يتحكـَّم في عقولنا، لنصبح دُمىً يحرِّكها بخيوطه؟ هل يؤدي استخدام "العقل الفاعل" بدل "العقل المُنفعل"إلى التحرّر من قيود "العقل المجتمعيِّ"، لتحقيق طفرةٍ نوعيّة يمكن أن تـُنـقذ هذه الأمَّـة من هذه الغمّة؟ بتحليل علميٍّ موضوعيٍّ، يحاول هذا الكتاب، للمفكر العراقي المعروف، علاء الدين الأعرجي، أن يكشف عن أزمة الإنسان العربيِّ الممزق بين سلطة الأموات وقهر الأحياء وإذلال الآخر، ساعيا إلى إلقاء ضوء على بعض الحلول". 5- صحيفة المنصة العربية، نيوجيرسي، نيويورك، 1/11/2004: "بنهج موضوعي هادف وهادئ ، وبحث علمي عميق ودقيق، يحاول مؤلف هذا الكتاب، المفكر العراقي علاء الدين الأعرجي، معالجة أخطر إشكالية تجابه الأمة العربية في العصر الحديث" . . . " وبغرض محاولة إنقاذ هذه الأمة من هذه الأزمة، يطرح المؤلف نظريات جديدة، جديرة بالتمعن والدراسة، أهمها نظرية"العقل المجتمعي" ونظرية "العقل الفاعل والعقل المنفعل" ونظرية " عدم مرور العرب بمرحلة الزراعة". علما أن نخبة من الكتاب والأكاديميين العرب في أمريكا، عكفوا على دراسة هذا الكتاب الخطير، وهم بصدد عرض وجهات نظرهم في ندوات عامة . . ." (جرت الندوة الأولى في 14/10/2004، في قاعة السليمانية، في جيرسي سيتي، وجرت الندوة الثانية في مقر الأمم المتحدة،بنيويورك، في 21/12/2004، وحضرهما عدد كبير من الصحافيين والدبلوماسيين والمثقفين ) 6- صحيفة "القدس العربي" لندن 2/11/2004: أشارت الصحيفة إلى ندوة مناقشة الكتاب من جانب بعض المفكرين العرب المقيمين في الولايات المتحدة،برعاية مشتركة من المركز العربي للحوار والدراسات والنادي العربي في الأمم المتحدة. وذكرت أن المؤلف ركز في عرضه للكتاب على الفصل الأول المعنون" النهضة أو السقوط"، حيث طرح نظرة متشائمة عن الوضع العربي، وقدم سبعة عشر مؤشرا لتدهور الحاضر العربي، الذي يدل على مستقبل مظلم. بل حذر من إمكان انقراض الأمة العربية، كما انقرضت قبلها 14 أمة أو حضارة سابقة، كما يقول فيلسوف التاريخ آرنولد توينبي، الذي يرى أن الحضارة العربية الإسلامية تمر بدور الانحلال. وعزا هذا المصير إلى "العقل المنفعل" أو الخاضع لــ"العقل المجتمعي" السائد، الذي يتكون من جملة الأعراف والقيم والمعايير والمعتقدات السائدة والمتراكمة عبر تاريخ المجتمع، والتي تصبح من المسلمات التي يتبعها أفراده، دون وعي، بصرف النظر عن قيمتها، بل يدافعون عنها باعتبارها آراءهم الخاصة. ومع ذلك قد تظهر نخبة تحمل "عقلا فاعلا"، ترفض الخضوع إلى العقل المجتمعي، فتـُتهم في مجتمعاتنا بالكفر أو الردة أو الاستغراب. ويقدم أمثلة على هؤلاء" المرتدين"، ومنهم طه حسين وعلي عبد الرازق ونصر حامد أبو زيد وفرج فودة ونجيب محفوظ وغيرهم. ولئن رُحب بالكتاب غير انه تعرض للنقد، لأنه يحمّـل "الأنا" المسؤولية القصوى لأزمة التطور الحضاري في الوطن العربي، بينما يصرف النظر تقريبا عن مسؤولية الأخر. كما أخذ عليه البعض لغته الأكاديمية العالية التي قد تصعب علي القارئ العادي، وعدم التطرق بصراحة لمسألة الدين وقضية المرأة ". 7- صحيفة "القدس العربي"، لندن، 26/11/2004 " تحت عنوان "رؤية متميزة من خلال نظريات فلسفية وسوسيولوجية، ويربط نكبتنا بـ "العقل المجتمعي" العربي . . . "، ورد في هذه الصحيفة إن الكتاب يتعرض لأخطر أزمة تواجه الأمة العربية والإسلامية اليوم، ومنذ أكثر من قرنين، ألا وهي أزمة التطور الحضاري. وخلصت إلى أن الكتاب قوبل بالترحيب بوجه عام، ونوقشت أهم موضوعاته بروح موضوعية صارمة، حيث تعرض لانتقادات شديدة. ومن جهة أخرى، وصفه أحد أعضاء لجنة مناقشة الكتاب، بأنه قد يعتبر، مع عدد من الأعمال المتميزة الأخرى، مدخلا لقاعدة تنظيرية: فلسفية وسوسيولوجية، لحركة حداثية عربية مستقلة، قد تقارن إلى حد ما، بحركة طلائع الحداثيين الأوربيين من أمثال ديكارت وفرانسيس بيكون ، وغيرهم من الفلاسفة الذين أرسوا أسس العقلانية والحداثة للحضارة الأوربية". وأشار إلى أن معظم المفكرين العرب الذين عالجوا المسألة العربية تعرضوا لها بمفاهيم ونظريات مقتبسة من الفكر الأوربي أو الأمريكي، بينما تمكن مؤلف الكتاب من عرض نظريات تعتبر جديدة. 8- صحيفة" صوت العروبة" نيوجيرسي- نيويورك، 9/12/2004: "في هذا الكتاب قام المؤلف علاء الدين الأعرجي، بتشخيص الداء . . . تشخيصا صحيحا ومباشرا، وبتواضع المفكر الدارس المتفحص والمتمكن، ولج أتون النار مباشرة . . . وكان صريحا مع نفسه ومع القراء باعتبار أن القضية عامة تخص وطنا بأجمعه، حيث قال في الصفحة 91"إذا أردنا تحرير الإنسان العربي لإنجاز نهضته وتقدمه فينبغي علينا أولا، وقبل كل شيء، تحرير عقله الذي تعرض للقهر على مرّ العصور، فأصبح خاضعا. . . خانعا . . . تابعا . . . مقلدا. . . مرددا . . . لا مجددا" . . . ويوجه الكاتب إلى الأمة العربية تحذيرا وتـنبـيـها مريرا يقضي بأنها إذا استمرت على هذا التخلف فقد تتعرض للانقراض كما انقرضت قبلها 14 أمة وحضارة سابقة، كما يقول المؤرخ والفيلسوف أرنولد توينبي" . 9- صحيفة "الإيجبشن نيوز" نيويورك- نيوجيرسي ، 15/12/2004: " من اعظم فضائل الإنسان، فضيلة مصارحة الذات، وكشف الحقيقة مهما كانت مرارتها، ومهما كانت حدتها و قسوتها. إن دفن الرأس في الرمال لا يعني عدم كشف باقي الجسد. وعندما يتحدد ما بداخلنا من عيوب وما تحتويه أجسادنا من بؤر مرضيّـة، يمكن التشخيص دون خطأ، وقتها يمكن وصف العلاج الشافي. وهذا ما قدمه لنا المفكر الأعرجي في كتابه المتميز هذا. وهو يعرج على حقيقة خطيرة وهي أن هناك صراعا بين قوى التقدم والتطور وقوى التخلف والتقليد الأعمى ، وأن هذا الصراع سيحسم لصالح القوى الأولى، إذا لم تسارع المجتمعات العربية المتخلفة، إلى اللحاق بركب الحضارة الحديثة ". 10- مجلة " كتابات معاصرة"، بيروت، العدد 55( شباط-آذار 2005):"يطرح المفكر الأعرجي في هذا الكتاب تساؤلات خطيرة منها : هل يمكن التحدث عن عقل عربي متميز؟ وهل العقل العربي سجين لاتاريخيته؛ تراثه وثقافته؟ أم سجين تخلفه الحضاري الذي استمر ما يـُربو على سبعة قرون؟ وهل أسفرت صدمة العقل العربي- الإسلامي بالحضارة الغربية الحديثة منذ حملة نابليون على مصر، ثم هزيمة الأمة العربية بكاملها أمام إسرائيل، إلى نكوص ذلك العقل ولجوئه إلى الماضي، تعويضا عن فشله في مواجهة واقعه المُرّ ومصير الأمة الكالح؟ هل ثمة " عقل مجتمعي" قاهر يتحكم في عقولنا إلى الحد الذي نصبح فيه دمى يحركها بخيوطه؟ وما السبيل لتحرير العقل العربي من سجنه اللاشعوري المؤبد هذا وإطلاق طاقاته الجبارة؟ وهل يمكن أن يؤدي إحلال استخدام العقل الفاعل محل سيادة "العقل المنفعل" الخاضع لـ"العقل المجتمعي" السائد والمتسلط، إلى تحقيق طفرة فكرية قد تنقذ هذه الأمة من هذه الغمة؟ وأخيرا ما وجه الترابط العضوي بين تحرير العقل العربي وتحرير الإنسان العربي؟ . . . كتاب يقدم رؤية متميزة ونظريات سوسيولجية وثقافية جديدة". ‬

ثانيا - موجز مكـثــّـف: هذه مجموعة فصول مختارة نشر بعضها تباعا بشكل بحوث، منذ بضع سنوات. وهي تشكل حلقات متكاملة من موضوع واحد يتعلق بـ"أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي"، في بعض أبعادها التاريخية والسوسيولوجية والفلسفية والاقتصادية والسياسية، وعلاقـة تلك الأزمة بما يعاني منه الشعب العربي من نكبات وما ينتظره من ويلات. ولئن تبدو بعض الاستـنـتاجات قاسية أو صادمة، إلا أنها تـنطلق من حرص الكاتب الشديد على مستقبل هذه الأمة ومصيرها. وفي هذه الطبعة التالثة، أضفت إليها، بعد تنقيحها وتفصيلها، قسما جديدا حاولت أن أرد فيه على ملاحظات واعتراضات بعض القراء والزملاء واناقشها. وتشكل هذه البحوث محاولة متواضعة لسبر أُسّ المرض الذي تعاني منه الأمة، وتلقي ضوءا على بعض أنماط العلاج الجذرية. ومع ذلك أشار الكاتب إلى أن الدراسات الإنسانية، خلافا للحقائق العلمية، تظل عرضة للنقاش والشك. ويعترف، بكل تواضع، باحتمال تعرضه للشطط والزلل. لذلك يتطلع قدما لاستمزاج آراء وملاحظات الزملاء خاصة، والقراء عامة، ولاسيما النـُقــّاد، ليأخذها بعين الاعتبار، في الأجزاء التالية من هذا البحث. ففي الفصل الأول التمهيدي(غير منشور سابقا) من هذا الكتاب، حذر الكاتب من أن استمرار تردي أوضاع الأمة بهذا الشكل الراهن ، قد يؤدي تدريجيا إلى انقراضها، كما انقرض قبلها عدد من الحضارات، كما يؤكد المؤرخ البريطاني "أرنولد توينبي". وبَـيَّـن علامات سقوطها ومؤشراته، منذ فترة طويلة، ثم تفاقم هذه الأوضاع في العصر الحديث. وذكر منها سبعة عشر مؤشرا، من بين عشرات أخرى، كانت وما تزال قائمة، منذ مئات السنين. واستشرف مستقبل الأمة الكالح في ظل التداعيات الجارية والظروف الراهنة. ولئن تعرض الكاتب لهذه المؤشرات، فإنه يحاول مواجهة الحقائق ولو كانت مرّة. كما أنه يلح على قرع ناقوس الخطر الداهم لشحذ العـقول وإبداع الحلول، وتنبيه الزعماء السياسيين المخلصين، والمعـنيـين والمثـقـفيـن والمفكرين والمتخصصين، الحريصين على مصير أمتنا العربية العريقة والعظيمة. وبغية تبرير وتفسير هذه المخاوف القائمة، على أسس واقعية وتاريخية، بحث المؤلف، في الفصل الثاني، مسألة "نشوء الحضارات، بوجه عام، وازدهارها ثم سقوطها"، من خلال بعض من آراء ونظريات علمين من أبرز علماء التاريخ والاجتماع: ابن خلدون الذي يعتبر أول مفكر طـَرَقَ هذا الموضوع، الشائك، وأول من طرح مسألة بداوة العرب التي ظلت تنخر دعائم الحضارة العربية الإسلامية، حتى يومنا هذا. ثم أهم مفكر غربي عالج الموضوع في القرن العشرين:أرنولد توينبي، في كتابه الموسوعي"دراسة للتاريخ" Study of History (13مجلدا). وقد حـَصَرَ هذا المفكر الحضارات البشرية في 21 حضارة، انقرض منها 14 حضارة، والست الباقية في طريقها إلى الانقراض، منها الحضارة (العربية) الإسلامية. أما السابعة وهي الحضارة الغربية، فلم يُعرف مصيرها بعد، كما يقول. ومن هنا انطلق الكاتب في بحث مصير الحضارة العربية الإسلامية المظلم، إلا إذا تحولت من حالة الجمود إلى حالة الحركة، وذلك من خلال جهود أبنائها، وخاصة قياداتها ومفكريها. ولاحظ أن مسألة ثنائية الحركة والجمود، كما يرى جمهور الباحثين، بما فيهم "توينبي" و"ويل ديورانت"، مؤلف موسوعة" قصة الحضارة"، ومحمد عابد الجابري، صاحب "رباعية نقد العقل العربي"؛ يقول: إن مسألة الحركة والجمود، تشكل المحور الرئيس الذي يقرر ظهور الحضارة وتقدمها وازدهارها، أو ضمورها وانهيارها. وبالتالي سيقرر هذا المحور بالذات مصير حضارتنا. أي أن "الحركة" ترفع الحضارة و"الجمود" يسقطها، ونحن في سقوط متواصل منذ فترة طويلة، تفاقم وتضاعف خلال العقود الخمسة الأخيرة، ولا سيما منذ هزيمة الـ 67. كما شرع الباحث، في هذا الفصل، بطرح نظرية مُتـَـقـَحِـّمَة، تفسر عدم شفاء العرب من العقلية البدوية، التي كانت، ولا تزال، إلى حد بعيد، سائدة في الجزيرة العربية، بل وفي معظم المجتمعات العربية. وتستـند هذه النظرية إلى حقائق تاريخية تدور حول"عدم مرور العرب بمرحلة الزراعة"، على نحو يكفي لمحو القيم البدوية. ولكن كيف يمكن لأبناء الأمة العربية أن ينتقلوا من حالة الجمود إلى حالة الحركة، في الوقت الذي يخضعون فيه لعدد من القيود؟ وللإجابة عن هذا السؤال، بحث المؤلف في أمر تحرير الإنسان العربي من تلك القيود، أولا،ً ليتمكن من الحركة، بكل معانيها وأبعادها، وخاصة حركة الفكر والإبداع والابتكار، وبالتالي التقدم. غير أنه لاحظ، بتمعن، أن تحرير الإنسان يتطلب النظر في تحرير عقله قبل كل شيء. فالعقل المكبل بعشرات الأغلال المفروضة عليه من سلطات متعددة، لا يُخلـِّف إنساناً حرا مبدعا، بل دمية تحركها الخيوط المتصلة بجميع تلك السلطات. ومن أهم هذه السلطات: 1) سلطة السلف، أو سلطة الأموات على الأحياء، التي تتبلور وتتجسد بسلطة ما يطلق عليه الباحث مصطلح "العقل المجتمعي"، بكل ما يحمله من تقاليد وأعراف وقيم وعقائد ومسلـّمات متخلفة من الفترة المظلمة، بوجه خاص؛ 2) سلطة الحاكم بأمره المتنفذ والمستبد، الذي يكتسب شرعيته من المبدأ القائل" من اشتدت شوكته وجبت طاعته"؛ 3) سلطة"الآخر"، المستعمر أو المحتل بشكل مباشر، أوغير مباشر، التي تتجلى في الهيمنة الأجنبية، والتبعية إلى الآخر، بجميع أشكالها، ومنها السياسية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والفكرية والثقافية، ولاسيما عن طريق العولمة. وهذا ما يبحثـه الفصلان الثالث والرابع، تحت عنوان"تحرير الإنسان العربي من خلال تحرير العقل العربي" في حلقتين. فبعد أن حدد الكاتب مفهوم العقل وميّـز بين العقل والفكر، تساءل عن وجود عقل عربي متميز، كما يوجد عقل متميز لكل مجتمع أو "وحدة مجتمعية" معينة، تبعا لاختلاف ظروف المجتمعات وتاريخها. وشرح، بتفصيل واف، أشكال وأصناف السجون التي يخضع لها العقل العربي، التي تفرضها السلطات المذكورة أعلاه ، وأكد على سلطة العقل المجتمعي التي تتحول إلى سلطة ذاتية ، يفرضها العقل الفردي نفسه على ذاته، دون أن يعي ذلك. وبعبارة أخرى، يؤثر العقل المجتمعي على الفرد المنتمي إلى "الوحدة المجتمعية"، فيخضع له بـ"عقله المنفعل". ثمَّ عرَّج على صدمة العقل العربي لدى احتكاكه بالحضارة الغربية، بوجهيها المشرق والبشع، ونكوصه إلى ماضيه التليد، يستلهمه، ليـتوكأ عليه أو يستر عورته ويحمي غربته، كدفاع تلقائي بدائي عن الذات: الهوية، الثقافة، العقيدة. ثم باشر بإرساء نظرية "العقل المجتمعي"، ذلك "الكيان" الذي يحمل تاريخ المجتمع، وبالتالي قيـَمه ومسلـّماته. وأشار إلى أنه في الوقت الذي يقوم فيه ذلك العقل، على الجانب الإيجابي، بتمثيل ذاكرة المجتمع و تثبيت هويته وثقافته، من جهة، فهو يشكل، في ذات الوقت، على الجانب السلبي، قيدا ثقيلا على حرية الإنسان العربي وقدراته الإبداعية، من جهة أخرى، نظرا لأن "العقل المجتمعي" العربي، في هذه الحالة بالذات، خاضع بوجه خاص، لتاريخ "التخلف" الذي أعقب فترة ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، كما ذكرنا سابقا. أي أنه حاول أن يثبت أن الإنسان العربي المعاصر هو سليل "الفترة المظلمة"، وليس سليل الحضارة العربية الإسلامية في عصرها الذهبي الآفـل، خلافا لما قد يتصور الكثير من الناس. وهذه نقطة أغفلها العديد من الباحثين، كما يعتقد المؤلف. ومن جهة ثالثة، حتى لو افـْـتـُرضنا جدلا أن هذا العقل له علاقة بتلك الحضارة العريقة، ولكن ْ " لكل زمان ٍ دولة ٌ ورجالُ"، و تتغير "الأحكام بتغير الأزمان"، كما قال فقهاؤنا. فضلا عن أن حضارة العرب التالدة قد مر بمحطتها قطار الحضارة منذ أكثر من ألف عام، وهو الآن في محطة تبعد مئات الآلاف من الأميال عنها. وسعيا وراء معالجة هذه الإشكاليات ، لجأ المؤلف إلى نظرية "العقل الفاعل والعقل المنفعل"، التي تحاول أن تـُوَصِّـفُ وتحدد كيفية الخلاص من قهر "العقل المجتمعي"، في وجهه المتخلف. كما أنها تحلل وتـُنـَظـِّرُ، من جهة ثانية، الصراع المتواصل بين "العقل الفاعل والعقل المنفعل"، على صعيد الفرد والجماعة، الذي يتوقف على نتائجه تقدم المجتمع أو تخلفه: فالتخلف يتناسب طرديا مع رجحان كفة العقل المنفعل، وعكسيا مع رجحان كفة العقل الفاعل. بينما يتـناسب التقدم طرديا مع رجحان كفة العقل الفاعل، وعكسيا مع رجحان كفة العقل المنفعل. وهكذا فقد بحث الكاتب في الفصول الثلاثة الأخيرة أزمة العقل العربي المعاصر من خلال "ثنائية الإبداع والاتـِّباع"، باعتبارها ترتبط ارتباطا مباشرا، وغير مباشر، بالعقل المجتمعي وبنظرية العقل الفاعل والعقل المنفعل. فبقدر ما يتحرر الإنسان العربي من "العقل المجتمعي" في جانبه السلبي، ومن عقله المنفعل، الخاضع لذلك العقل، عن طريق استخدام عقله الفاعل؛ يكون، بنفس القدر، متمكنا من الخلق والإبداع، باعتبارهما مفتاح تقدم الأمم وانطلاق الحضارة. وخلال جميع هذه البحوث كانت مسألة تمكين المرأة مسألة أساسية، ماثلة ضمنا، سواء باعتبارها تشكل جزءا مهما من جوهر"العقل المجتمعي"، بوجه عام، أو باعتبارها جزءا من مضمون "العقل العربي الفردي الذكوري المنفعل"، الذي يعتبر المرأة متاعا أو سلعة. ويعتقد المؤلف أن مسألة تحرير المرأة هي جزء أساسي من تحرير عقل الرجل العربي المنفعل بذلك العقل المجتمعي في وجهه المتخلف، والموروث خاصة من العصور المظلمة من تاريخ المجتمع العربي والإسلامي . ويعكف الباحث على طبع وإصدار الجزء الثاني من كتابه "أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي"، الذي نـُشر فعلا في حلقات متسلسلة، ظهرت تباعا في 19 فصلا، في مجلة"صوت داهش" الفصلية، التي تصدر في نيويورك، ابتداء من عدد صيف 2002 إلى شتاء 2007 . وتعالج هذه الحلقات (الفصول) سلسلة العوامل الأساسية التي أدت إلى أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي، منذ اصطدام العرب بالحضارة الغربية المعاصرة حتى يومنا هذا. وهي بالتالي تـُنـَظـِّر لأسباب فشل النهضة العربية. والأهم من ذلك، أنها تدعو جميع المفكرين والكتاب والمثقفين الحريصين على مستقبل هذه الأمة، إلى تكريس جهودهم وشحذ "عقولهم الفاعلة"، للتوصل إلى وضع بعض الحلول التي تسعى إلى إنقاذ هذه الأمة من هذه الغـُمـَّة. ولئن يـُعرب الكاتب عن تقديره البالغ لأعمال جميع المفكرين الكبار، الذين ذكرهم في سياق بحثه، والذين أسهموا في هذا المجال، ولاسيما المفكر محمد عابد الجابري، فإنه يعترف بفضلهم في الإيحاء له بكتابة هذه السطور المتواضعة، كقطرات قليلة من المنابع التي فجروها. * * * وفي سياق بحث وتحليل هذه القضايا الفكرية والتاريخية، التزم المؤلف بمنهج البحث الموضوعي العلمي،(الإبستمولوجي)، المدعوم بالحجج العقلية والشواهد التاريخية، قدر الإمكان. وبقدر ما يتعلق بالمقـتبسات التاريخية أو الفكرية أو النصية،التزم الكاتب ،بصرامة، بتثبيت مصادر البحث، بالمستويات الأكاديمية المعروفة. وتوخيا لزيادة الإيضاح، ثبـَّت الاستطرادات وشرح المسائل ذات العلاقة بأية نقطة، في الحواشي المطولة أحيانا، في آخر كل فصل من الفصول .

ثالثا- مناقشة الكتاب 1- جرت المناقشة الأولى للكتاب برعاية "المركز العربي للحوار والدراسات" و" النادي العربي في الأمم المتحدة"، في قاعة السليمانية( جيرسي سيتي)، في 14/10/2004. واشترك في المناقشة كل من الدكتور جورج الحاج (لبنان)، أستاذ في جامعة كولومبيا، والدكتور محرز الحسيني(مصر)، مدير المركز العربي للحوار والدراسات، و رئيس تحرير صحيفة" المنصة العربية"، والأستاذ فرانسوا باسيلي( مصر)، كاتب وشاعر، والأستاذ عدنان محمد يوسف(العراق)، رئيس سابق لدائرة الترجمة العربية في الأمم المتحدة. وقام بإدارة الندوة الإعلامي المعروف الأستاذ أحمد العيسوي. وقد حضر هذه الندوة عدد كبير من الصحافيين ورجال الإعلام وأعضاء من الممثلية العراقية لدى الأمم المتحدة، ومنهم رئيس البعثة، السفير الأستاذ سمير الصميدعي، ونشر بشأنها عدة مقالات وتعليقات. 2- وحضر المناقشة الثانية، التي جرت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك،(21/12/2004) برعاية النادي العربي، نخبة من المثقفين، بما فيهم عدد من أعضاء البعثات الدبلوماسية في الأمم المتحدة، فضلا عن مندوبي الصحافة والإعلام ، وعدد من أعضاء النادي العربي، والموظفين العرب العاملين في المنظمة. وقام بإدارة الندوة الأستاذ عصام البدري، رئيس النادي العربي. وتكونت هيئة المناقشة من الدكتور سعدون السويح ،(ليبيا) أستاذ سابق في علم اللغة في جامعة الفاتح، نائب رئيس النادي العربي(طرابلس الغرب)، نائب رئيس النادي العربي، والدكتور منصور عجمي،(لبنان) أستاذ سابق للأدب العربي والفكر الإسلامي في جامعات كولومبيا وبيركلي وبرينستون، والأستاذ أحمد أبو العطا (مصر)، كاتب وناقد وشاعر، رئيس تحرير صحيفة إجيبشن نيوز. وقوبل الكتاب بكثير من الترحيب من جهة، والنقد الشديد من جهة أخرى. وقد أشير إلى بعض وجهات النظر هذه في المقالات التي نشرت في الصحف والمجلات، التي وردت بعض مقتطفاتها أعلاه، ولاسيما صحيفة القدس العربي. كما كرس الكاتب حلقة خاصة للرد على أهم الانتقادات التي وجهت إلى الكتاب، صدرت في مجلة"صوت داهش" عدد خريف 2005. وقد كتبتْ بعض الصحف والمجلات عن هاتين الندوتين، وخاصة صحيفة "القدس العربي"(لندن) الواسعة الانتشار.

رابعا: خلاصة وتحديد نقاط الجـِدَّة في الكتاب يفترض الباحث في هذا الكتاب أن جميع المشاكل والنكبات التي أصابت الأمة، تعود إلى"أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي"، أو بالأحرى "تخلف العرب عن اللحاق بالحضارة العالمية المتفجرة". وهذه الفرضية ليست جديدة، بل كانت وما تزال مطروحة منذ أول احتكاك مباشر للعرب بالحضارة الغربية منذ مطلع القرن التاسع عشر. وقد تجلت من خلال السؤال القديم الجديد المطروح بصيغ مختلفة منها:" لماذا تقدم الغرب وتخلف المسلمون أو العرب؟". وفي هذا الإطار يتفق المؤلف مع معظم المفكرين البارزين المعاصرين العرب، على أن "التخلف الحضاري"، الذي يعاني منه المجتمع العربي ، كان السبب الرئيس لجميع إخفاقات الأمة العربية قي مختلف الميادين التنموية، وبالتالي، لنكباتها المتلاحقة وخضوعها المزري. ومنهم على سبيل المثال فقط قسطنطين زريق ومحمد عابد الجابري وحسن حنفي وزكي نجيب محمود وجورج طرابيشي ومحمد أركون وعبد الله العروي و محمد جابر الانصاري وهشام شرابي وهشام جعيط وعلي حرب وعلي الوردي وغيرهم. وإلى هذا الحد فإن المؤلف قد لا يقدم جديدا، ألـَّلهـمَّ إلا من حيث استشرافه مصير الأمة الآيلة إلى السقوط وربما الاندثار، إذا لم تتضافر الجهود المتـنورة لإنقاذها، كما أسلفنا. لأن أحدا من الكتاب لم يتجرأ على قول ذلك، حسب علمه، مع أن المؤرخ أرنولد توينبي أشار إلى ذلك بوضوح. ولكن الشيء الجديد والجدير بالمناقشة، في طروحات المؤلف، على الأرجح، هو أنه يفسر ويحلل الأسباب الجذرية لإخفاق العرب في اللحاق بركب الحضارة الحديثة، و أسباب عدم إدراكهم الكافي لهذه الحقيقة الماثلة، بل سلكوا الطريق المعاكس تماما. ويقوم بذلك عن طريق طرح ثلاث نظريات. اثنتان تجذران وتفسران هذا التخلف، بما فيه التخلف عن إدراك التخلف، والثالثة تحاول أن تعالجه. فالنظرية الأولى تسعى لإعادة السبب الرئيسي لظاهرة تخلف العرب(أصل الداء) إلى هذا "العقل المجتمعي" الذي يتجلى في القيم والمعتقدات والأعراف المسلـَّم بها، والذي تكوَّن من تراكم الموروث الخرافي والغيبي، الذي ساد خصوصا الحقبة الأخيرة المظلمة التي أعقبت ازدهار الحضارة العربية الإسلامية. وذلك بالإضافة إلى اللحظات المعتمة في التاريخ العربي الإسلامي، التي نتجت غالبا من تراكمات صراعات مجتمع البداوة(المجتمع القبلي) التي كانت سائدة في الجزيرة العربية، لاسيما قبل ظهور الإسلام. وهي أمور حاربها الإسلام، دون جدوى، في الغالب، فظلت تختفي أحيانا، وتظهر أخرى بعنف فجَّر ما يسمى بـ" الفتنة الكبرى"، بتعبير طه حسين، مما خلق هذا الشرخ الكبير الذي ظل ينخر في هذا المجتمع حتى يومنا هذا، بدليل ما يحدث اليوم في العراق ولبنان. ومن هنا تنبثق النظرية الثانية في "بداوة العرب"، التي يفسرها بعدم مرورهم بمرحلة الثورة الزراعية، على نحو يكفي لتغيير القيم البدوية أو محوها. ويأتي بأدلة وشواهد من التاريخ القديم والتاريخ العربي الإسلامي على هذه الظاهرة، أشار إلى بعضها في هذا الجزء وفصَّلها في الجزء الثاني المنشور بشكل حلقات. وتتجلى أهمية "نظرية العقل المجتمعي" وجـِدَتـُها ، بالإضافة إلى انها تفسر تخلفنا الحضاري، كونها تسري على جميع المجتمعات البشرية، في كل زمان ومكان. أي على المجتمعات البدائية والمتخلفة والحضارية، ولكن بأشكال مختلفة. وهذا ما وضحته في الكتاب، وسأزيده بحثا وتمحيصا في الكتاب الثاني. أما النظرية الثالثة التي تحاول أن تلقي ضوءا على علاج المرض فهي "نظرية العقل الفاعل والعقل المنفعل". وفيها يحاول الكاتب أن يضع بعض المؤشرات للوصول إلى تحرير "العقل العربي المنفعل"، من سجن "العقل المجتمعي، أو قيوده، التي يحملها الإنسان العربي، زينة ً وفخرا، في الغالب، وذلك عن طريق تنمية "العقل الفاعل" الذي يولد بشكل طبيعي مع الفرد، ولكنه يضمر تدريجيا من جراء قهر "العقل المجتمعي" أو سطوته. ويعتمد تطور المجتمع وتقدمه على مدى تحرر بعض أفراده أو نخبة متـنورة منهم، تتمرد على سدود وقيود العقل المجتمعي، وعلى قدرتهم على الصمود في وجه حُرَّاس ذلك العقل، ابتداء من الآباء إلى المعلمين والأساتذة. وقد قتل أو عوقب العديد من أفراد تلك النخبة باعتبارهم ضحايا هذا التمرد: ابتداء من سقراط وجوردانو برونو مثلا، وانتهاء بعلي عبد الرازق، وفرج فودة ونجيب محفوظ ومحمود محمد طه( السودان ) ونصر حامد أبو زيد وغيرهم. ومن جهة اخرى، نجح بعض أفراد تلك النخب، بعد معاناة وكفاح مرير، في إنشاء حضارات، أو إطلاق مبادرات حضارية بارزة. وعلى رأسهم الرسول محمد ثم مارتن لوثر وكوبرنيك وغاليليو، وغيرهم الذين فتحوا الطريق لظهور أعلام عصر النهضة فالأنوار، حتى عصر ما بعد الحداثة. وملخص القول يرى مؤلف الكتاب أن مشكلتنا الرئيسية هي "العقل العربي"، وليست مشكلة فلسطين ولا العراق ولا لبنان إلخ . . . ولا حتى الاستعمار والإمبريالية أو "الآخر"، الذي نعلق على مشجبه جميع معضلاتنا الساخنة، دفعا للعتب وترضية للضمير، أو جهلا : إذ "يفعل الجاهل بنفسه ما يفعله العدو بعدوه"، وكما يقول الشاعر: لا يدرك الأعداء من جاهل ما يدرك الجاهل من نفسه. ---------------------------------

- يطلب الكتاب من المكتبات المعروفة في بيروت والجزائر، والقاهرة، ومن مكتبة "تراث داهش"، في نيويورك: 1775 Broadway, suite 501,New York, NY 10019.Tel.800 799 6375 , 212 265 0600 في الجزائر: هاتف، 405 612 (071) 00213 785 600 (071) 00213 في القاهرة: د. عبد الكريم محمود، دار أخبار اليوم، مكتب 25806210 أو 25806328

عنوان المؤلف:araji@nj.rr.com. هاتف المكتب: 201 210 4195 مدونة: www.marefa.org/blog/araji