قصص قصيرة

(¹) أصدقاء

على حافةِ الحُلم المنهّار التقوا، وتعاهدوا فى صَّمتٍ على (معنى الصداقة). ربما، ما يُحكّى عن صولاتهِ وجولاتهِ وكتاباته الهُتافية، هو ما جذّب ثلاثتهم إليه!

بعد أن أطلق الأشباح سرّاحه، فوجئ باختفاءِ الصديق الأول. ونقل إليه الصديقين الآخرّين:

”أنه يحرص على نفى أى صلة جمعته بك!“

فلم يعلق. لكن، أفصح عن انزعاجهِ من تجنب خطيبته له! فيما كانت عينا صديقه الثالث، تحملان إفادات غامضة:

”عالمك غير المستقر يُخيفها. وعما قريب ستعلن خطبتها على..“

انطوى على حزنه، وآلمه أن يفقد خطيبته وصديقين، فأخذ ينظر إلى الصّديق الثالث بعينين لا قرار لهما، ويرّاقب محاولاته الدؤوبة لإثباتِ أنه ليس كالآخرين.

القاهرة سبتمبر ٢٠٠٤

 

(²) لاجىء

فتح باب الشقة، وهو يعتقد أنها تنتظّره كالعادةِ! فوجئ بأنها غير موجودّة!

انتظرها وهو يكاد يتميّز من الغيظِ!

بعد منتصفِ اللّيل بقليلٍ دخلت.. باغتته بالارتماءِ على حضنهِ:

”كنت فى حفلِ ودّاع صديقة، ستسافر غداً إلى أميركا.. وحدثت جرّيمة.. صديقة أخرّى قتلت حبيبها فى الحفل.. و..“

انتزعها عن أحضانهِ مأخوذاً:

”قتل؟!“

”إكتشفت أثناء الحفل أنه يخدعها.. ولن يضيفها إلى ملفه فى (إعادةِ التوطين) كما وعدها.. كانت تصرف عليه من عرّقها فى هذه الغُرّبة القاتلة.. خانها مع صديقتها، واضافها لتسافر معه بدلاً عنها..“

ابتلع رّيقه الجاف، وهو يبعد نظراته عن وجهها، الذى بدى له خبيثاً جداً!

القاهرة أكتوبر ٢٠٠٤

 

(³) أطفال

فى مثلِ هذه الساعة من كلِ يوم، يمر غريباً بينهم. فيصرّخ فيه الأطفال الأشقياء:

”بونقا.. بونقا.. شيكولاته..“

ويسأله آخر:

”عمو الساعة كام؟“

يفهم أن المقصود: أن ينظر إلى لونه الأسود في معصمّه!

يضج الأطفال فى سعادةٍ دون أن يتدخل أهلهم.. وأحياناً فى (المترو) فى وضحِ النّهار، يهمس شاب في أذن رفيقه:

”هى الدنيا ضلمّت كدة ليه“

ثم يتضاحكان في استهزاء!

يتذّكر وطنه.. ينطوي على نفسه:

”أنه ثمن الغُرّبة!“

القاهرة ٢٠٠٣

 

(⁴) شُهرّة

كلّفه مدير التحرّير بإجراءِ حُوّار مع الكاتب الحائز على (الجائزة الشهيرّة).. في الطّريق إلى حيث يسكن الكاتب الكبير، تنازعته مشاعر وأفكار شتى عن سكان الحى: ”لابد أنهم يعرفونه جميعاً..“..

وعن جيران الكاتب: ”لابد أنهم يحبونه كثيراً “..

فى أول الحى سأل أحد المارّة بثقة:

”بيت الأستاذ..“

”أنت متأكد أنه يسكن معنا هنا؟!“..

شعر بالاحباط وسؤاله يتكرّر بطولِ الحّى وعرضه، حتى تملكه التعب واليأس!

وبعد أن أهدر وقتا طويلاً، وجد شخصاً واحداً فقط يعرّفه!..

الخرطوم ١٩٩٩