سلوى بكر.. وصداقة طويلة معها

  وقالت:

( لا يلزمني كي أكون كاتبة حرة ، أكثر من ترك العنان لخيالي ، يذهب كيفما شاء دون حدود او سقوف ، ثم أخط ذلك الخيال على الورق ، فيقبله الآخر بمعزل عن شخصي وذاتي .

هكذا أعتقد انني أكون كاتبه حرة ، لكن ما إن أشرع في كتابة الحروف ، إلا ويبرز الرقيب من داخلي بسيفه البتار المصوب من قيم الماضي وشروط الحاضر ونفي المستقبل ، فيحذف هذا الرقيب كلمة ، جملة ، فكرة ، وقد ينتهي الأمر بحذف عمل ابداعي كامل ، وكم من قصة آثرت عدم نشرها ، وفكرة ابداعية لجأت إلى وأدها بناء على تعليمات ذلك " البعبع " الداخلي المخيف .

هل أنا جبانه لا امتلك الشجاعة الكافية للمواجهة ؟ أم أني بومة حكيمة تفضل النواح في خرائب النفي وحدائقها ، تحسبا لوطأة الأذى الإنساني الناتج عن سوء الفهم ، وغصة الاختلاف ؟ . المسألة تتأتى من يقيني بأن الحرية لفظة لم تبرح قواميسنا اللغوية بعد ، ولسوف تحتفظ بطبيعتها المتخفية ، طالما ظلت مشيئة الفرد رهينة مشيئة الجماعة المحكومة بروح القطيع المنحطة .

إن رقيبي الداخلي يستمد قوته من تراثنا العريق في القمع الفكري ، وهو القمع الذي أصبح – بمرور الزمن ، ونظرا لتراكم التجارب وتنوعها جزءاً من نسيج شخصيتنا القومية ، فنحن رواد قمع فكري حقيقيون ، والتجربة الإخناتونية فريدة وعميقة حقا في قمع الجماعة للفرد ، ولا يتناقض هذا مع نظرية المصالح الخاصة لكهنة طيبة .. فالقمع هنا يبلغ أعظم تجلياته ، إذ إن الفرد هان فرعون ، وليس أقل .

يعاني الكاتب المبدع من قمع المحظورات الثلاثة : الدين ، الجنس ، السياسة ، أما الكاتبة فيضاف إلى قمعها قمع اللغة ، التي ترقد في توابيتها المصطلحات والتعبيرات الذكورية المتوارثة ، ولا تترك إلا هامشاً ضيقاً ـ لتعبر المرأة الكاتبة عن عالمها كامرأة . )

حينما أرادت لطيفة الزيات أن تكتب عن الكاتبات العربيات استعارت عنوان كتابها من قصة قصيرة لسلوى بكر عنوانها : " كل هذا الصوت الجميل الذي يأتي من داخلها " ..

لتقول أن حركة النقد الأدبي تتنكر لإنجازات المرأة العربية وتضع إبداعها على هامش الإبداع العربي بل وخارجه وإن تعبير الأدب النسائي هو تعبير ينطوي على محاولة لتحقير هذا الأدب وسمت كتابها " كل هذا الصوت الجميل " أي الأدب الذي تكتبه المرأة .واهتمام لطيفة الزيات بسلوى بكر هو بوصلة النقد الأدبي ..حتى أن ما كتب عن كتابات سلوى بكر ,, أكثر في عدد صفحاته مما كتبته سلوى بالفعل !! ورغم إن كل كتبها متواضعة في الفن الإخراجي وفي السعر وعدد الصفحات..وهي غير محسوبة على أي مستوى سلطاوي أو مؤسسة ثقافية إلا أن الغرب قد ترجم لها كل ما كتبت وفي طبعات أنيقة !!

وحينما قابلت الأديب " صنع الله إبراهيم " بعد حصوله على جائزة العويس في الأدب وكان وقتها يراجع كتابه " التجربة الأنثوية " وفيه يتعرض للكتابات النسائية في الغرب ويقوم بترجمتها للعربية .. قال : أعتقد أنه هناك اهتمام بالأدب الوصفي الأثنوغرافي الذي يتسم بالحياد والموضوعية العلمية وبأدب المرأة التي لا تسمى جميلة بلغة العارفين بالموضة ومقاييس ملكات الجمال بدليل فوز ( توني موريسون ) بجائزة نوبل ! أنه يرى أم الموضة حولت من الكاتب ( المصلح ) إلى الكاتب ( الأنا ) وقال في سياق ذلك : عندنا ( سلوي بكر ) (تساير زمن الكتابة النسائية التي أصبحت أقل سنتمنتالية ولم تعد تعبأ برقة التعبير ) .

وبدأت أتتبع إنتاج سلوى بكر القليل الذي ينطبق عليه القول العربي " المليح يبطئ .. " .

مقام عطية ، الروح التي سرقت تدريجياً ، عجين الفلاحة ، بل إنها أهدتني آخر ما كتبت : وصف البلبل وأرنب

    أتيقن من قولين هامين عن أدبها :

-       ما قاله الناقد ( إبراهيم فتحي ) بعفوية من أن أدب سلوى بكر يشبه البلح الأبريمي كلما شرب من عكارة طمي الميل تزداد حلاوته كدلالة على اهتمامها بسير الذوات المهمشة في قاع المجتمع .

-       ما قاله الناقد ( محمد برادة ) من أنها تنضم للمبدعين الذين يرون أن ( الحق ) مرادف لا للذوات السائدة التي تشكل أعمدة المجتمع التقليدي ، وإنما للذوات المسحوقة والمهمشة البارزة بوحشية من القاع !! .

وحينما قابلتها لأول مرة مرهقة مهمومة بمشاغل الحياة اليومية تجر ابنتها في يدها وحاملاً في غيرها وتقول لمن حولها  فى اتيلية القاهرة " المقر الرسمى للملكة السمراء" بعفوية : الكتابة هي نزهتي بعد الطبيخ ورعاية الزوج .. وانها لا تخطط لشيء وإنما فقط تمسك بالقلم وتكتب !! قررت ان أدخل عالم هذه الكاتبة المختلفة التي تقول دوما إنها من مواليد 1949 وإنها تلبس الملابس الرخيصة ، الفضفاضة ، حتى جاء هذا الحوار بعد طول انتظار !!

وقالت : كل الكتابات التي تكشف المجتمع مترجمة سواء لكتاب مصريين أو كتاب عرب (عبد الرحمن منيف مترجم ) و ( فاطمة المرنيسي مترجمة ) وعشرات الأسماء التي لا تخطر لك على بال مترجمة – بل إن محمد شكري نشروا له ( الخبز الحافي )  بالفرنسية قبل صدورها بالعربية !! فالغرب لا يستمتع بأدبنا كأدب .. وإنما يقرأه ليعرفنا وهذا ما قاله لهم ( ماركيز ) : أنتم حينما تقرأون لنا .. تقولون أدب أمريكا اللاتينية وكأنكم تعطون لصغاركم درساً في العلوم عن الآخر.وهذا هو الغرب ، إنه نفعي وبرجماتي ، إنه يعاملنا كموضوع وليس كذات ، فالغرب لا يقبل الآخر ولا يعترف به وأي أديب لا يعرف في وطنه فهذا معناه نهايته.فبعد نهاية الاستعمار التقليدي هناك شيء جديد يفعله العرب هو معرفتك عن طريق الإبداع :

الأدب والفن.وتحليل ذلك تمهيداً لأخطراختراق ..اختراق العقل العربي بدلاً من الأرض العربية، فمثلا بدلاً من دراسة العلاقة بين الناس والشرطة يحللون عبارى بسيطة في قصة قصيرة حينما تقول الأم لأبنها :( حتسكت ولا أجيب لك العسكري ) ؟!او يقول احد لواحد :لوصباعك عسكرى اقطعه.. وطبعا يفهموا أن العلاقة بين الشرطة والناس سمن على عسل ..هاها

قلت لها ما رأيك في القول بأن الغرب لا يترجم إلا ما يريد أن يراه كصورة للعرب والمسلمين ؟

قالت : الغرب لا يترجم فقط الذين يكتبون عن قاع المجتمع أو عيوبه إنهم يترجمون للذين يكتبوا عن قممه وأرستقراطيته ولا يمكن مثلا أن تجبر الغرب الذي ترجم ( ذات ) لصنع الله إبراهيم وهي تتحدث عن مصر في عصر الانفتاح أن يترجم ( نجمة أغسطس ) لصنع الله نفسه وهي تتحدث عن التجربة الناصرية في بناء السد العالي .المهم أني أعي أن الغرب لا يترجمني ، لأنه معجب بي  أو أني بهذه الترجمة أصبحت في مقدمة السباق محلياً .

قلت لها : في روايتك ( مقام عطية – أرانب ) كتبتي بطريقة الريبورتاج الصحفي .

وقالت : إن النسيج الروائي يقبل كل الأشكال .. اعمال ديستوفيسكى ريبورتاج صحفي

قلت :فما أثر الصحافة عليك ؟!

قالت : أنا عملت في الصحافة العربية لفترة واستقر بي المقام طبقاً لدراستي في النقد الفني المسرحي والسنيمائي ولكن راحتي وجدتها في الإبداع الأدبي .. وحقيقة أنا لا أضع مشروعاً مسبقاً لما أكتب فالنص يكتبني وأكتبه اما رواية ( مقام عطية ) فهي رواية رمزية فعطية شخصية مختلف عليها ، والسؤال هل هي موجودة فعلاً أم لا ؟! فلا أحد يتجاهلها ولا احد يعرفها وعند كل شخص رؤية لها واكنها موضوع يهم الناس !!ورمزيتها تعني اننا في حاجة لشيء يمسنا جميعاً ونهتم به جميعاً او ما يسمونه بالكلام الكبير " الحلم القومي أو المشروع العام " فالغريب أن هناك أشياء هامة جدا .. تمر.. ولا نتحدث عنها .. ولا نناقشها مع إنها مؤثرة جداً .. الناس كان زمان يجمعها حلم : ثورة 19 وثورة 23 والوحدة العربية .سأضرب لك مثل قريب ( اتفاقية التسليح النووي ) جعلت هناك حوار بيني وبين زوجي ، جلسنا لأكثر من ساعة نتحدث مع أننا منذ فترة طويلة لم يطل حوارنا عن خمسة دقائق لماذا؟! هذه هي عطية !!..أما ( أرانب ) فهي رؤية لصراع الإنسان البسيط حتى يستطيع فقط أن يعيش .

أزعجتها حينما لمحت من بعيد أنها تكتب بلغة عامية ذكرت لها عبارتها .. " فلتدخلي الحمام يا بت وتصبي على جسمك سطل مية " وعبارة " عرة النساء " و حق ..... و .....

قالت : هناك مستوى للغة تابع وملاصق وراسم للشخصية وأنا أحب أن تكون اللغة التي أكتب بها في هذا المستوى ، فأنا أستخدم فصيح العامية فحينما تكون القصة عن عالم تحتي أو شعبي فلا أستخدم اللغة الغربية الموجودة في الكتب وإنما أستنطق فصحى العامية سطل كلمة ( عربية ) فهي في اللغة العربية معناها وعاء صغير.. البيئة الشعبية تقول "أحضرت حقاً " دلالة الصغر .. الفلاحة لا تقول في كلا مها ( اعتقد ) .. وإنما تقول ( أظن) .. فالظن أقل يقينية من الاعتقاد وكلما قل التعليم تصبح أظن انسب .وفي أتيليه القاهرة أثناء مناقشة أحد أعمالي قالوا إن عبارة ( مدملكة ) عامية وبها فجاجة وأخرجت من القاموس العربي كلمة ( مدملكة ) فصيحة ومعناها شيء استدارت أطرافه وقلت لهم بدلاً من الأكلاشيه المحفوظ "امرأة ملفوفة القوام " أما أقول : امرأة ( مدملكة ) هذا هو المستخدم في البيئة التحتية .

سألتها سؤال على استحياء خوفا من أي اسقاطات نفسية وجاءت المفاجأة ( وصفته بأنه سؤال جميل وملاحظة ذكية !! ) لماذا بطلاتك لسن جميلات؟

قالت : ملاحظتك سارية المفعول وصحيحة أنا في قصصي لا توجد نساء جميلات رغم أن (عزيزة ) في رواية ( العربية الذهبية لا تصعد للسماء ) امرأة جميلةبالمعنى الشعبى..

اما لماذا ؟! لأن معظم بطلاتي عاديات لا يلعب الجمال او الشكل دوراً في القص عنهن فأنا على عكس الأدب العالمي والتراث المحلي لا أجري وراء المرأة الجميلة وإنما وراء المرأة التي تواجه الحياة منفردة .. لا أريد من القارئ أن يتعاطف معهن لكونهن جميلات ، فأنا ضد نموذج ( الزهرة البرية التى نمت وترعرعت في الوحل ، فالجمال يفتح كل الابواب) .. أنا مع المرأة التي تواجه صعوبات الحياة وليس أمامها إلا إرادتها .

قلت لها : العنف عندك تتبعه المرأة لمجرد زواجها وقبل ذلك تبحث وتحلم وتتدلل للرجل وظاهر ذلك بشدة في مجموعتك القصصية " عجين الفلاحة " فهل انت من الفمنست المنادي ( بقتل الرجل ) ؟! وبخاصة أنه قتل فعلا على يد " صاحبات العربة الذهبية " .

قالت : الرجل هنا ليس بمعنى دلالي واحد ، ليس حالة إنسانية ، ليس نوع وأنوه أن المقصود هو القيم وليس " الرجل " ففي ( رواية العربية الذهبية .. ) يبدو ظاهرياً معاناة النساء بسبب الرجال ودخولهن السجن بسببه ولكن الحقيقة أن منظومة القيم هي السبب في ذلك العنف بينهما،وهذا ليس حال المجتمعات العربية وحدها بل العالم كله والغرب أيضاً " وأسجل إعجابي ملاحظة ذكية في السؤال إن العنف يظهر عندي داخل مؤسسة الزواج .. فالحب يمكن أن يكون إطار نقف فيه على حد سواء ..والصداقة إطار آخر يحفظ لكل منا ذاته فلماذا العنف ؟! ولكن الزواج به منظومة من القيم تجعل الصراع يظهر ، لأن طرفا العلاقة ليسا على قدم المساواة بداخله من منظور قيمي فنحن الآن لا نعرف كيف نتزوج ولا نرى أن الزمن تغير لنغير هذه العلاقة !! بالتطوير بالطبع فأنا لا اطلب بقتلها كما تدعي وإلا سيحدث لنا ما حدث من انهيارات اجتماعية أخلاقية في مجتمعات أخرى فأنا أم وزوجة وأعشق هذا العش .اسئلتك شربه من النصوص فهل أنت دارس بمعهد النقد ؟ أن لم تكن فافعل .ولكن لندخل في مشكلة ( المرأة العاملة ) ألا تستحق نظرة في التعاون معها داخل شئون المنزل ؟! ( المهر والشبكة والشقة والـ أربع غرف ) هذا صعب ولا يمكن ، الغرب يعرف ( الحجرة الأستوديو) غرفة واحدة فيها كل شيء  أليس هذا أنسب وبخاصة ونحن من العالم الثالث ؟! ولذا أعود فأذكرك بما حدث من سياق ( روائي ) في ( وصف الليل ) حينما ظهر رجل خارج إطار قيم مؤسسة الزواج ماذا حدث للبطلة " هاجر" التي كانت قد قاطعت الرجال ؟! اهتزت تركت كل ما وراءها من أجل رجل تقف معه على قدم المساواة .

    قلت لها : بمناسبة روايتك " وصف الليل "  لقد جعلتي الجمال صفة ذكورية .. والمرأة تصف حبيبها ، جبينه ، عيناه ، جبهته .. إيه الحكاية ؟!

قالت : متى كان يجري في الأدب العربي الحديث كلام عن " جمال الرجل " ؟! حينما يكون الأمر في علاقة مثلية وهذا في الأدب الأوروبي أيضا وقلما يكون هناك كلام عن جمال الرجل في مجمل الأدب  ولكن عظمة القرآن .. وبخاصة في قصة " يوسف وأخواته " عليه وعليهم السلام  الغواية التي حدثت لامرأة العزيز والنساء اللائي قطعن أيديهن أليس هذا دلالة على الاعتراف بالجمال عند الرجل وهذا موجود في التراث الشعبي في مصر والمغرب والعراق ..ولكن الأدب الذكوري تاريخياً غلف ذلك وطمسه وأخفاه ، ولأن المرأة لا تستطيع الإفصاح عن جمال الرجل بسبب منظومة القيم ( ولكنه هو يفصح ويصبح ذلك دلال فحوله )فحينما تطرح منظومة الجمال عند الرجل أدبياً وبخاصة على لسان امرأة نجدها تتحدث عن الشهامة والكرم والأصل والعراقة .. وبصراحة ( أنا ما عرفت امرأة أحبت رجلا لشهامته ؟! ) بل إن في الطبيعة ذكور الحيوان أجمل من إناثها " الطاووس – الديك "

تحت ستار الكتابة الإيروتكية " الجنسية" الجامعة الأمريكية أعطت لدارسة درجة الماجستير في الأدب حينما وضعتك مع نوال السعدواي وأليفة رفعت في خانة واحدة !!

قالت : إنني لا أحبذ الكتابة في المناطق المحظورة أو ما تسميه بالأدب المكشوف ، ولكن أحياناً لا تفهم سخرية أدبي على مقصدها ورمزيتها كما حدث لي مع رقيب مجلة الهلال في قصة " عجين الفلاحة " حينما فهم كلمة ( اعتلاء ) بمعنى مشبوه !! إلا إنني لا أدين سلفا أية كتابة تأتي في ذلك السياق – ولا أقدس سياسة التلميح دون تصريح في الأدب : فأية حدة ، صراحة وضوح – أحترمها على شريطة أن تكون فناً وإبداعاً جميلاً ، وهكذا أحببت " الخبز الحافي " لمحمد شكري رغم وصمها باللا أخلاقية ، لأني اعتبرتها رواية أصلية في تعاملها مع سواقط الطبقات والخوارج الاجتماعية المهمشة .والكاتبات العربيات محرومات أو غير قادرات كما تقول د/ هدى وصفي من أن يدخلن للتابو .لأن القمع المتوارث..والفارض لرقيب داخلي لدى المبدع يستطيع الظهور في أية لحظة حتى ولو ضعفت سلطة الرقيب الخارجي أو توارى .إن بعض الكاتبات المقربات لي بعد رواية " وصف البلبل " قالوا لي : كل ده كان فين ؟! وكأني قد مسست بالفعل لا بالكتابة جانباً من المحظور !! واندهشت .بل إن لي خبرة سابقة جعلتني أفضل الدوران حول الأرض دون الولوج إلى سكة الثالوث المحرم فعندي قصة اسمها " إحدى وثلاثون شجرة جميلة خضراء " كانت بطلتها قد ذهبت إلى عملها ذات يوم ، دون ارتداء حاملات صدرها ،وبقدر الاستنكار التي قوبلت به من قبل زملائها في القصة ، فقد لاقيت أنا الكاتبة سخرية أخرى من نوع آخر لنفس السبب !!

قلت لها : استعارت لطيفة الزيات عنوان أحد قصصك القصيرة " كل هذا الصوت الجميل " لتجعله عنوانا لكتابها عن النقد في الأدب النسائي فهل كنت تقصدين أن تقولي: إن صوت المرأة جميل ولكنكم جعلتموها تشعر بأنه ( عورة ) .. فانتهى جماله .. وكذلك جمال ما تكتب ؟!

قالت سلوى ضاحكة :أنا اعتقد أن المهمشين هم الصوت الجميل !!

قلت لها : يقولون إن الترجمة الآن هي التلويح الغربي .. للتطبيع الثقافي مع إسرائيل وإن هناك بعض المترجمين بالذات .. يخلطون الأوراق ويلعبون هذه اللعبة أقول ذلك بعد اتساع حركة ترجمة كتبك وحصولك على جائزة الإذاعة الألمانية .

قالت لي : إنها حكاية نوبل محفوظ تتكرر .. كلما قدرنا الآخر وحصلنا على جائزة بالعرق والجهد .. قيل وراء ذلك إسرائيل !! مع أن التطبيق وضع عربي .. واتفاق عالمي .. ووضع قائم ولا يصح أن ندين مثلا على سالم .. على شيء يفعله القادة السياسيون إلا أن مزاجي الخاص ضد ذلك .. هذا الشيء ليس له تعليل عقلي ولكنه شيء وجداني .. تاريخي .. وراثي .. أنا كسلوى بكر (*) الإنسانة . الوحيدة . الضعيفة .. أرفض التطبيع مع المحتل !!وسأحكي لك ما حدث معي بعد حصولي على جائزة الإذاعة الألمانية ، قد طلب مني مدير معهد ( جوته ) بالقاهرة مقابلة مع كاتبات إسرائيليات يزرن مصر ، واستغرب لرفضي ، والغريب أنه بعد ذلك الرفض فوجئت بأن بعض هؤلاء الكاتبات يتصلن بي تليفونياً للتعرف بي .. وحينما أكدت على الرفض اتهمت على الجانب الآخر ( بالتخلف ) ..

وقيل لي : إن سفيركم عندنا .. وسفيرنا عندكم .. فلماذا لا ؟! .. ولم أرد !!

(*)سلوى بكر .

-         من مواليد القاهرة 1949 .

-         حاصلة على بكالوريوس في المسرح – المعهد العالي للفنون المسرحية 1976 .

-         متفرغة لكتابة الرواية والقصة القصيرة .

-         يصدر لها أكثر من رواية ومجموعة قصصية ( أشهرها وصف الليل ) و ( العربي الذهبية لا تصعد إلى السماء ) و ( أرانب ) .