رسالة إلى ملاك مجهول

عزيزتي الروح الملائكية المفقودة،

أكتب إليك من عالم يستمر بالدوران حول كافةِ الأشياء، على الرغم من أن عالمك توقف في يوم ذلك الانفجار المأساوي. أعلم أنك لن تتلقى هذه الرسالة أبدًا، لكنني أشعر بأنني مضطر لكتابتها لك على أي حال. كان اسمك لغزًا بالنسبة لي حتى اكتشفته محفورًا في ذلك الركام، ولم يصبح وجهك مألوفًا إلا من خلال الصور المروعة للدمار التي ملأت الأخبار ذلك اليوم. ومع ذلك، غيابك يتردد كأنشودة حزينة في قلب هذه المدينة—بيروت، بجدرانها المتآكلة وأزهار ياسمينها الصامدة، تحمل الآن ذكراك كجرح عميق لم يلتئم بعد. وجودك، رغم أنه كان عابرًا، قد ترك أثرًا لا يمحى في روحي.

غالبًا ما أتساءل إن كنت قد سمعت ذلك الانفجار — صوتٌ هائل إلى حدٍّ التهم اللحظات، وابتلع الشوارع والأحياء، وقطع تفكيرك في منتصف العمل. هل فكّرتَ في البحر، في كيف يرقص ضوء المساء فوق الميناء، مُضيئًا، فوضى صناديق الشحن والأسلاك المتشابكة؟ أم أمسكتَ بيد أحدهم، وهمستَ بدعاء، أم أنك فقط تجمّدت في تلك اللحظة العابرة قبل أن يتحطّم كلّ شيء؟

يقولون إن الحزن هو الحب الذي فقد وجهته. فإلى أين أوجّه هذا الشعور؟ إلى شظايا الزجاج التي ما زالت مغروسة في الجدران؟ أتتبع آثارك في حكايات من نجوْا: الممرضة التي غنّت لمرضاها، الخبّاز الذي أطعم القطط الشاردة، والطالبة التي كانت ترسم نجوماً في دفترها. أنت لست مجرد رقم؛ بل كون غير مكتمل. أعترف، أشعر بغضبٍ عارم تجاه الإهمال الذي انتزعك من بيننا. ومع ذلك، هذا المساء أضأت شمعة، ووضعتها حيث يمكن لنسيم البحر المتوسّط أن يحمل نورها. فعل بسيط من التحدي في وجه النسيان. أحب أن أصدق أنك تراها—لا كطيفٍ، بل كغبار نجمي، أصبحت جزءًا من الإيقاع الذي يوقظ عشب الربيع والمدّ والجزر. هل تمكث قطرات المطر على الأسفلت؟ في صوت الأذان المنبعث من مكبرات المسجد البهيّة؟

عندما أردد بخفوت بعض العبارات من دعاء كميل بن زياد المفعم بالخشوع: "اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُغَيِّـرُ النِّعَمَ، اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لي الذُّنُوبَ الَّتي تَحْبِسُ الدُّعاءَ، اَللّهُمَّ عَظُمَ بَلائي وَاَفْرَطَ بي سُوءُ حالي."—هل ذاك هو صوتك يشاركني الدعاء؟ كثيرًا ما أجد نفسي أتأمل كيف كنت ستتصرّف في مواقف شتى. ويمنحني بعض الطمأنينة أن أتخيّل صوتك يتردّد داخل أفكاري. لا يسعني إلا أن أتساءل إن كنت تراقبني، وتمنحني دعمك بطرق لا أراها. لقد صرت أرى الذكرى كجسرٍ يصل، لا كقبرٍ يفصل.

كثيرًا ما أمشي في دروب الحياة وأنا أحمل أحلامك، وسماتك الفريدة، والمحبة التي كنت تُغدقها على الآخرين. أحمل كل ذلك معي إلى المظاهرات والالتماسات الإجرائية في بعض القوانين التي تسنها الحكومة، وفي كل صباح أختار أن أزرع المحبة في وجه الظلمة. لكن، هل يكفي هذا؟ أن أُحوّل الحزن إلى نجمٍ يهدي؟ أن أنطق باسمك حتى لا يعود جرحًا، بل هتافًا؟ لا يزال ذلك الانفجار الكارثي في مدينتك الفينيقية لغزًا، يكتنفه الغموض. هناك دلائل على أن لأطراف خارجية يدًا في الأمر، وخصوصًا من مناطق مجاورة يبدو أنها تفضّل لبنان ممزقًا قلقًا على أن يكون وطنًا هادئًا مستقرًا.

أتوق لأن أشاركك هذا الحزن، ومع ذلك، سأرعى الياسمين في ذات الموضع الذي يثقل فيه قلبي. سأعتني به بمحبة، وأشجّعه على أن يمتد نحو السماء. أملي أن تعود الذكريات إليّ ذات يوم، وقد تماهت مع جوهر الحياة التي كنتَ تبثّها من حولك.

المخلص لروحك،

ع. م. ج.

ظهر هذا النص باللغة الانجليزية في مجلة (Arablit Quarterly) في العدد الفصلي مايو 2025