رحيل أكتوبر اربع قصائد لمنى نوال حلمي

رحيل أكتوبر

رحل أكتوبر عن عالمى
فات على خير
أو ربما
ليس خيرا لا أدرى
أكتوبر .. الشهر العاشر
يأبى الا أن يعتصرنى بالنزف
فيه وُلد " غاندى " وأمى " نوال "
قُتل " جيفارا " وسط الأدغال
ماتت " مى زيادة "
واهتزت أرض مصر بالزلزال  
لملم أكتوبر أشياءه المبعثرة
فى أرجاء بيتى
وفى طرقات روحى
ألقاها فى حقيبة الزمان
تأملنى ..
تحَسس خصلات شعرى
أشعل سيجارته الأخيرة
مدّ يده بالسلام
قائلا :
" تذكرينى دائما بالخير ..
حتى لو أسأت اليكِ
لا تبتئسى الكل الى زوال "


امرأة بداخلى

بداخلى امرأة غريبة الأطوار
تصحو بالليل
وتنام بالنهار
زاهدة فى التواصل الاجتماعى
لا تقرأ نشرات الأخبار
تغوص فى الرمال الناعمة
ولا تسقط فى القاع
تصل سالمة الى الشاطئ
وهى السابحة ضد التيار
ظل رجل لا يعنيها
تفضل عنه ظل الجدار
تنحت فى الصخر ملامحها
تشق طريقها كما الأنهار
ترهف السمع لحكمة الصمت
وشدو الطيور فوق الأشجار
بيتها بنيان من الكلمات
طوابق من الروايات والأشعار
لا تبالى بأحكام البشر
كما الشمس مشرقة الأسرار
تختار ما يُنبذ عقباه
عندها سواء النور والنار
لا تنخدع بظواهر الأمور
وتفلسف دائما عبثية الأقدار
ترقص على ايقاعات المحال
تغنى ما يحير الأوتار

مطاردة

منذ أن كنت فى رحم أمى
وأنا أشعر بأن أشخاصا يمشون ورائى
يتربصون بحركة خطواتى  
يتلصصون على نظراتى  
يراقبون لمنْ ابتساماتى
يسجلون رنات ضحكاتى
أتمهل .. يمهلون
أسرع .. يسرعون
عند كل زاوية يختئبون
لاهثة أبحث عن مأوى أقضى ليلتى
يعرفون كل شئ الا عنوان اقامتى
أنا  مطاردة
منذ أن كنت فى رحم أمى
من كل الأسلحة  مجردة    
أحن الى بيت دافئ
يمنحنى الهدوء والأمان والسكن
لكننى وباختيارى هاربة مشردة

حرب

منذ أن قذفنى رحم أمى
الى عالم شرب كل ما أعدته لارضاعى
وأنا
أقاوم مثل الجبال
من حرب الى حرب
ومن قتال الى قتال
أصوات تصرخ فى أذنى كل صباح وكل مساء :
" لا فائدة .. لا راحة .. لا معنى لكل الأشياء ..
ماذا تفعلين هنا ؟ .. لماذا تبقين أيتها المغفلة الحمقاء ؟ ...
أشباح ترقص على ايقاعات صاخبة
تدفعنى للقفز من الشرفة
وأجرى
أقع وأروح فى اغماءة طويلة
أفيق على سؤال حائر  
أيستحق العيش كل هذا العناء ؟