ذبائحُ خضراء.. شعر مؤمن سمير

"أخاديد"

خطفوا غطاء القلم فبان السِر..

كان قد دَوَّن الحكاية قديماً

وانتشى بنسيانها..

وبالرغم من كل شيء

كانت الروح ما زالت تدبُّ فيها..

مازالت تتلصص

وتملأ المخدات بالدموع

لتعود الميِّتةُ

وهي تضع يدها على خدها

حتى يصير خدُّها أخدوداً..

تعَلَّمْنا من آبائنا أن ندفن الحكايات

في الأقلام..

في رعشة الخطِ

واللون الذي يتغير مع كل نظرة

وأن ننتشي كذلك

بنسيان أن المتغطِّي بالأقدار عريان..
 

"إلهان للصمت"

حارسُ البنايةِ السمين

يشردُ كثيرا هذه الأيامً..

ربما يرسمُ ملامحَ بطلِهِ الطيب

وهو يدون حكاياتنا،

تلك الأحجار التي صارت تثقل أحلامَهُ..

أما الآخر، فهو أبي..

حارسُ أرواحِ أسرتنا

وأصواتنا التي تبهت رويداً رويداً

والذي عاد يشردُ كثيراً

في صورتهِ على الحائط..

ربما تدل غموض نظراته

على أنه قبض أخيراً

على راوٍ حاذق

لكنَّ الحكايات

بعدما ضاع عمرها منها

لا تريد أن تُروى..

 

"أنبياء الألفة"

كلما فارقني الناس

يتعثَّر قليلاً في حُفَر الطريق

ثم يدقُّ الشيطانُ جِلْدي..

هذا العجوز، عشير أبي وجَدِّي

يحزن عليَّ بصدقٍ وأنا وحيد..

سيضع وروده على قلبي

وصقورَهُ على ذراعي

ونأخذ نَفَسَاً عميقاً

ونغمض عيوننا

و نقفز..

" بِرْكةٌ قاتمة"

الطُرْقةُ التي بين الغرف

الطُرْقةُ التي كانت تتضاءلُ كلما تضاءلنا

رأيتها اليوم تعدو..

و كلما زاحَمَت في طابور الخبز

أو لكزت بنتاً في صدرها في الباص

أمطرت السماء

وصارت ذاكرتُنا

التي تغلق عينيها وتفترش الطريق

بِركةً قاتمة

تشربُ منها الطيور

وحكمتُها تعدو وتعدو أمامها..


"ذبائحُ خضراء"

تجشَّأَ الملكُ فهربت الأشجار..

يا عصارةَ سيقاني

يا أخوتي..

لقد سلبوا منا أرواحنا

ووضعوا خَلاً

لنصير مقدسين بذبائح خضراء..

لقد أضافوا بحيراتٍ حول أقدامنا

لتنقلب نبيذاً و راقصاتٍ..

وننسى في النهاية

أنه مجرد هواءٍ ماكرٍ

ذلك الذي زفر زفرةً حارة

ثم حثَّ كل هؤلاء المجانين

لأحضاننا..

" طيور غائرة في الحائط"

أقدام أبي الثقيلة

وطيران أطفالي للجنة..

الرقص مع الأشباح

والموسيقى عندما تنفلت

ثم تعودُ للمعطف..

كلهم هنا

في نفس اللحظة الخاطفة

التي سقطت على رؤوسنا

وهي تتنهد..

"فرارٌ متكرر"

من يوم الحريق الذي أحاط ببيتنا

وجعله يفرُّ من أمام البحر

وتلك القداحات تثيرني..

كنتُ ساعتها صغيراً

والنار كانت صغيرة

تكبرُ رويداً رويداً

وتحبو لتلسع أقدامنا..

ساعتها كنا نتوهج كل مساء

حتى أن الحقد عادَ مع العاصفة

وأعطانا البحر ظهره

ومحانا من أحلامه..

"نورٌ في النافذة"

يقول الطبيبُ

دَوِّن الأرواح التي تحفظها

كي تنشط ذاكرتك..

أكتب نظرات أبيك وخبيها في العلبة

واجعل في الصدارة أخوتك

وأنتم تقفزون من النافذة

ثم يلتقطكَ قلبُ حبيبتكَ

من قلبِ البئر..

"هُيام"

جسدُ حبيبتي ينضج

ويلف الغابات بالريش..

يستعجل الشتاء

حتى تفقس ذاكرته في ملابسي

الثقيلة

ويجلو صوته

كي لا يضيع صوتي..