رأيته توسط الطريق ، صوته ضجّ ، شتم وهو يضرب خلفه المدراء العامين ، والبطاطا والبامياء ، تزاحمت حوله العربات ، وسائقنا تمتم ضاربا المقود: (دنيا!!) احتشد الخلق علي الممزق المنفوش ، وضربت أنا جبهتي ، هذا الوجه فيه بقايا أعرفها ، بصق علي العرب واليهود ثم شقّ الشارع كبوق مسعور ، فتنحّت العربات ، وانفرج الجمع موجتين ، صاحبي الذي كان في السجن صار مجنونا ، الأنيق أصبح معوّجا كالخارج من القبر ، صرخت: (صاحبي)!
فرمقني السائق ، ومجاوري ارتجف .
قال السائق فئ المرآة: يومنا معثر.
قلت:أنزلني!
وعدت أركض فوجدت الشارع منتظما ، والمارة يمضون ، رحت إلي ذات النقطة فلم أجده ، أسرعت في التفرعات ، جلت في السوق ،ثم أسندني حائط لأحملق في الخضار والمشترين ، وفهمت أنني ضيعته ، لكنه ظلّ في عينيّ يصيح ويشتم مفلوتا ، تخيلته يضرب الهواء وجسده ، ويرسل عينيه ، فدققت ممسكا فيهما ، رأيت السجان كوهين يهوي علي ظهره ويصيح (كل كل) ولم تمتد يداه ، فمه ظلّ مغلقا ، دفع كوهين الطبق بحذائه سابا دينه ولما طار الطبق ولوّن بما فيه الحائط الناعم ، أدخل جابر الإنعاش.
بعد أيام ركبت إلي مخيمه ، فصدمني حطام بيته ، قالوا: (قبل خروجهم هرسوه) عدت خائبا أجرّ ساقين فقدتا ذكورتيهما ، وظلّ يلاحقني ،يجأر مفجوعا ، وأنا ظللت أعود وقررت أن أجده ، إلى أن خرج إلىّ من زقاق بيته المهشوم وهو يسحب بخيط رفيع لعبة سوداء على شكل تابوت ،توقف قبالتي ، حملق في عينيّ طويلا ، تأمل فمي الفاغر ، ثم تجاوزني ، والتابوت يهتزّ ، وأنا أسبح في ضباب منغلق ، ثم أهوى على حجر من بقايا حجارة بيته المتناثرة.
تابـــــــوت
By: Omar Hammash - on: Friday 17 November 2017 - Genre: Stories
Upcoming Events

Sonallah Ibrahim's Ice
June 26, 2025
Join us for a special discussion on Sonallah Ibrah...

Arabia Felix - Alarabia Alsaida in Bayt Yakan
April 15, 2025
Arabia Felix by Thorkild Hansen, and translated by...

A writer, a vision, a journey: a conversation with Professor Ilan Pappe
March 15, 2025
This event took place on 15 March, 2025 . You may...

مسافر يبحث عن ماء
February 17, 2025
تقيم نقابة اتحاد كتاب مصرشعبة أدب الرحلات تحت رعاي...