الكراهية في الرياضة

تفاقمت حالة التعصب الرياضي في بلادنا العربية على طريقة كرة الثلج التي يتضاعف حجمها في لحظات قليلة. حيث تحولت المنافسة إلى تعصب.. و التعصب إلى توتر.. و التوتر إلى غضب.. و الغضب إلى كراهية, فانفجر البركان الذي ظل كامناً لعقود, و بات مسخ التعصب خارج السيطرة. و على الرغم من وجود المنافسة الرياضية في كل دول العالم إلا إننا لم نشاهد هذه الحالة من العداء و الكراهية بين المنتخبات الأوربية مثلاُ و بين بعضها, أو بين مشجعين أندية الدوري الأمريكي. فالمتابع للمنتديات العربية التي تمثل الشباب المثقفين المهتمين بالرياضة يدرك مدى ما وصل اليه مدى التحول في مفهوم الرياضة لدى الشباب العربي من المنافسة الراقية إلى نيران الغضب! فبعد أن كانت المباريات العربية هي مناسبة لالتقاء الأخوة, صارت حرباً ضروساً لا تحتمل سوى الفوز و السخرية من المهزوم, أو الهزيمة و معايرة الفائز بكل عيوبه

الإعلام :-
أدى انتشار القنوات الفضائية و المجلات الرياضية المنتمية للقطاع الخاص الذي يبحث عن الربح و الإثارة إلى تغير تدريجي في صورة الإعلامي من محايد ملتزم يمثل قدوة لدى الجماهير في عدم التعصب, إلى مشجع متطرف يعبث بمشاعر الجمهور و يستفزهم بانتماءه الواضح إلى نادي بعينه, و بحثه عن كل ما هو مثير و فاضح و أحياناً مفتعل و غير حقيقي من أجل جذب المزيد من المشاهدين أو القراء. فإذا نجحت حملة التسخين و الإثارة التي يقوم بها, و اندلعت المعارك الكلامية أو التصادمية بين الجماهير ظهر في ثوب الواعظ يتحدث عن التعصب و الأخلاق الرياضية التي يجب أن يتحلى بها الجمهور, و أن الرياضة ما هي إلا منافسة شريفة بين الأندية و المنتخبات! فكيف تقبل الجماهير النصيحة من مشجع متعصب أكثر منها؟

المسئولون :-
نتيجة لحالة الفوضى العارمة و غياب الإحترافية عن الاتحادات الأهلية, فقد أصبحت الرياضة تدار من قبل مجموعة من الهواة المتعصبين الخاضعين لنفوذ الأندية. فغابت العدالة و اصبحت القرارات عشوائية و اللوائح تتبدل حسب مصلحة النادي الذي يشجعه المسئول, ربما باستثناء الدوري السعودي الذي يعتبر أقرب دوري عربي لمفهوم الإحتراف. و نتيجة لغياب العدالة فإن الظلم يشعل الغضب في نفوس الجماهير مما يسكب مزيداً من البنزين على نيران التعصب. كما أن مسئولي الأندية أصبحوا يتقربوا لجماهيرهم بالتصرفات المستفزة للأندية المنافسة كنتيجة طبيعية لمناخ غاب فيه الإحتراف و الإعلام المحايد الذي يهاجم اخطاء المسئولين بعدالة, و ليس حسب المصلحة و لون الفانلة التي يشجعها, فيتستر على اخطاء اندية بعينها و يضخم اخطاء أندية أخرى

العنصرية و العنصرية المضادة :-
تدفع حالة التعصب لدى جماهير, إلى ظهور حالة من التعصب المضاد لدى جماهير الأندية المنافسة, و هو يشبه ما حدث في جنوب افريقيا عندما خرج الإحتلال الأوربي الذي كان يضطهد السود, فتولدت حالة من العنصرية لدى السود تجاه البيض و هو ما أطلق عليه مصطلح : العنصرية المضادة. و هو نتيجة حتمية لحالة الشحن الذي تزايد حتى خنق المجتمع بكثافته, فالتعصب هو الابن الشرعي للشحن حيث تولدت منه حروباً اهلية من قبل و ليس حالة من العداء الرياضي فقط. و لذلك اصبح التعصب مناخ عام في المجتمعات العربية و ليس مجرد حالات فردية أو صفة ملازمة لأشخاص أو مجموعات بعينهم

التراجع الحضاري و الإقتصادي :-
في أمريكا و أوربا نرى العكس! حيث أن التعصب لديهم هو حالة فردية تنتاب مجموعات بعينها لأسباب معينة, و ليس مناخاً شاملاً يجتاح المجتمع بأكمله من اعلام و مسئولين و جماهير. و لذلك نجد أن انجلترا مثلاً تميز متعصبيها بالهوليجانز.. و ايطاليا بالالتراس, الخ. و كلما ارتفع المناخ الحضاري و مستوى المعيشة كلما قلت نسبة التعصب الرياضي. فنحن لا نراه أبداً في سويسرا التي تمتلك أعلى مستوى للمعيشة في العالم, أو أمريكا التي تمتلك أقوى حضارة في العالم, أو السويد المرفهة, او فرنسا ذات الطابع الثقافي. أما مجتمعاتنا العربية فنتيجة طبيعية للتأخر و الفقر و البطالة و الجهل و كذلك غياب التدين الذي يعد السلاح الرئيسي لنبذ الكراهية و التعصب, أن تزداد حالة الفوران و العداء الرياضي لدينا. حيث أن الشاب الجاهل العاطل المحبط الذي لا يجد ما يشغله سوى الرياضة يجد فيها متنفس مناسب لاسقاط مشاكله, و لذلك يعتبر فوز فريقه مسألة حتمية لديه, حيث أنه الانتصار الوحيد الذي يحققه في حياته! و عندما تأخذ الرياضة و الفوز و الهزيمة أكبر من حجمها فإن وحش التعصب لا يجد مناخاً أفضل من ذلك لكي يظهر

ميراث القبلية :-
لم يستطع العرب إلى الآن التخلص من ميراث القبلية الذي يحملوه منذ أيام الجاهلية, فالتفاخر و الهجاء يعدان من أبرز ملامح الشعر العربي! هذا الميراث الذي زكاه الإستعمار الأوربي و عمل على احياءه من جديد, ساهم بصورة كبيرة في التفتت إلى قبائل انتماء صغيرة. و لتبسيط المعنى فإن ثقافة القبائل تجعل العربي يفضل التعصب للكيان الأصغر عن الكيان الأكبر, فنجد أن التعصب للأندية أقوى من التعصب للمنتخبات و التعصب للمنتخب أقوى من التعصب للقومية الرياضية العربية. فإذا تعارضت مصلحة النادي مع المنتخب فإن التغليب يكون لمصلحة النادي, و إذا خرج المنتخب لملاقاة شقيق عربي آخر فإنها حرب و ليست منافسة رياضية! و كعادة صفات القبائل فإن الرياضة تتحول إلى تفاخر بالفريق و بالمنتخب و هجاء للفرق و المنتخبات الأخرى, فتصبح صورة التعصب أقوى و أوضح. و نرى الحال مثلما نراه الآن من تعصب ظاهر و مكبوت و مناخ محتقن يحتاج إلى كثير من الجدية و الصبر لعلاجه.

و إذا كان الإعلام هو العنصر الأول من العناصر التي سردناها لأسباب التعصب, فإنه كذلك سيكون العنصر الأول من عناصر علاجه.. فقط إذا توافرت الرغبة و الضمير.

أدّى الانتشار الواسع للرياضة على الصعيد العالمي والتغطية الإعلامية الكبيرة غير المسبوقة التي تحظى بها، إلى تحوّلها إلى استثمار مهم في الحاضر والمستقبل، فهي استثمار بشري واقتصادي وسياسي. ولأجل ذلك، حاولت منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن تستثمر في مختلف الأنشطة الرياضية من أجل إرساء قيم السلام وحقوق الإنسان بصفة عامة، ومكافحة العنصرية والتمييز والكراهية بصفة أخص. وفي هذا الصدد حثّ إعلان وبرنامج عمل مؤتمر ديربان للعام 2001 كافة الدول على التعاون مع المنظمات الحكومية الدولية واللجنة الأولمبية الدولية والإتحادات ‏الرياضية الدولية والإقليمية من أجل تعزيز جهود محاربة العنصرية في مختلف الفعاليات الرياضية.‏ تحاول هذه الدراسة إبراز مقاربة منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في استخدامات الرياضة لمجابهة الكراهية والعنصرية، وهذا إنطلاقا من الإشكالية الآتية: كيف يمكن مواجهة التمييز العنصري وكراهية الأجانب عن طريق النشاط الرياضي؟ وهل بإمكان الرياضة احتواء مختلف عوامل ودوافع الكراهية والعنصرية؟

الاخلاق والعلم جناحا تفوق الشعوب
الأخلاق ضرورة من ضرورات الحياة المتحضرة، ومتطلباً أساسياً لتنظيم المجتمع واستقراره، وغيابها يعني غلبة شريعة الغاب حيث " القوة هي الحق " وليس " الحق هو القوة ". والجامعة على وجه الخصوص كمؤسسة ذات دور تعليمي وتنويري وتربوي مسئولة عن نشر الأخلاق ليس فقط في ممارساتها وإنما أيضاً في سياساتها وفي كل ما تدعو إليه . الجامعة مسئولة عن الالتزام الخلقي في الأداء، ومسئولة أيضاً عن تنمية الالتزام الخلقي بين الطلاب , وأيضا بين أعضاء هيئة التدريس بعضهم ببعض . . ويكون من المفيد للغاية أن يكون للكلية أو أى مؤسسة اكاديمية مجموعة المعايير الأخلاقية التي تلتزم بها وتلزم بها العاملين بها في ميثاق مكتوب يتضمن تلك المعايير ويكون مرجعاً ومرشداً لهم جميعاً وأساساً لتقييم سلوكهم أو لمحاسبتهم . ولما كانت الجامعة معنية أساساً ببناء البشر وتحسين ظروف الانسان، فهى فى المقام الأول منظمة أخلاقية، تعنى بالبناء العلمى والخـلقى للطالب، وعليها بالتالى أن تحرص على تنمية بيئة أخلاقية فى التنظيم وإلا عجزت عن النهوض برسالتها، فلا انفصال بين تحقيق رسالة الجامعة وبين التزامها بالأخلاق، ولا يتصور منطقياً الزعم بأن الجامعة نجحت فى تخـريج الكـوادر واجراء البحوث فى حين أن سلوكياتها وسلوكيات أعضائها غير منسجمة مع الأخلاق لذلك فمن الضرورى ايضاً أن نؤكد على مواصفات البيئة الأخلاقية فى الجامعة ومن هذه المواصفات الوعى الخلقى وتحمل الأساتذة لمسئولياتهم نحو نشر وتثبيت المعاملات الاخلاقية بين الطلاب , وبين جموع الاساتذة بعضهم ببعض . عضو هيئة التدريس مربى وباحث وقاضى، وعليه أن يلتزم بمنطق العدالة فى جميع ما يسند إليه من أعمال، وإنه خير موارد العدل القياس على النفس