الخماسين

كانت الخماسين تحكم أرض الصحراء التي لا تعرف الاستقرار أبدا.
رغم ذلك, لم يخف منها العصافير, لأنها لا تحكم الدنيا كلها..فرياح الجنوب تقدر على قهرها, حتى وإن بدت أضعف منها.
الأمر ليس على هذه الدرجة من السهولة, فريح الخماسين لا تترك فرصة لبشرى بالحركة إلا وتملأ العيون وفتحتي الأنف بالرمال الساخنة.
تعرف العصافير تلك الحقيقة , كما تعرفها الناس و الأشجار و الحيوانات. فالناس يلجأون إلى خيامهم المحكمة . أما الحيوانات , فلكل صنف منهم خصلته وخلاصه. الثعابين و السحالي و الديدان تعرف كيف تعيش بين الرمال..والفئران تصنع بيتا له ألف باب فتضل الريح طريقها إليها..ولا عليك فالجمال والماعز وبقية حيوانات البدو تملك صبرا يحسدها عليه الجميع.
وحدها العصافير هي القادرة على أن تحتفظ بهدوئها , وتصدر الأحكام التى يصعب على الآخرين اتخاذها . وإلا بماذا تفسر يسمعونها .. تنادى على رياح الجنوب غير عابئة بشباك الصيادين؟!
شعر الجميع بالرعب وهم يشاهدونها تعدو طائرة جنوبا, بينما الخماسين تملك من الحيل الكثير..قادرة هي على الفتك بتلك العصافير الصغيرة.
لن تترك لها فرصة لأن تذهب إلى ريح الجنوب الندية..
فخرجت الحيوانات و الزواحف و الناس من تحت الأرض و فوقها..يحذرون:
"ريح الخماسين أقوى منكم ألف مرة
قادرة هي على أن تهشم الأشجار الراسخة
لا تجعلوا شيئا يتحقق بالقتال من غير أن تأخذوا حذركم
ومهما كان عدوكم أقوى أو أضعف منكم .
هل تسمعونا يا عصافير السماء؟
إذن لم تسمعوا ..ربنا معكم!!"