رضى الله عنه: الإمام الحسين درة النبوة ومشكاة الحرمين

(0)
Publisher: Bibliomania
Year: 2021

" قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة فى القُربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور"23 الشورى

الحمد لله  القائل في مُحكم كتابه :" إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ " )[1]( والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله الأمين ﷺ وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين؛ فسبحانك لا علم لنا إلا ماعلمتنا إنك أنت العليم الحكيم ؛فالأمر أمرك، والمُلك مُلكك ، والحُكم حُكمك، والقضاء قضاؤك، والكل عبادك، ولا يخرج شىء عن سلطانك... أستهل مقدمتى بقولى: رضى الله تعالى عن خلفائنا الراشدين ذو القدر الجلى والفخر العلى أبو بكر وعمر وعثمان وعلــى، فضلا عن الحسن والحسين  وسائرأصحاب رسول الله أجمعين ، أما بعـد :أتقدم بكتابى هذا " الإمام الحسين دُرة النبوة ومشكاة الحرمين" رضى الله عنه، مستعرضا فيهِ حياة الإمام رضى الله عنه ،وعندما أتحدث عن سماحته لابد لى من التعرض للفواجع التى ألمَّت بخلفاء رسول الله ﷺ ومنها إغتيال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (ع) الذى يجتمع نسبه مع الرسول ﷺ في كعب بن لؤي بن غالب ــ على يد المكنى أبو لؤلؤة المجوسى )[2]( الذى طعـن الفاروق بستة طعنات في يوم الأربعاء 3 نوفمبر 644 م - 27 ذو الحجة23هـ ، عند صلاة الفجربالمدينة المنورة ــ على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم ــ ؛ومن دوافع الجريمة إنتصار عُمـر على الفرس ودحر جيوشهم، ناهيك من كراهية القاتل للإسلام ، وحُباً للمجوس الذين هم أهله، وانتقاما للكفار، لِما فعل بهم الخليفة حين فتح بلادهم، وقتل رؤساءهم، وقسَّم أموالهم. وما برح عدد من الفرس الذين بقوا على المجوسية يضمرون الحقد والكراهية لقائد الدولة الإسلامية التي دحرت جيوشهم وقضت على إمبراطوريتهم واسعة الأطراف ناهيك من أنه حرَّم على المشركين الذين بلغـوا الحُلُم أن يدخلوا المدينة المنورة لِما انطوت عليه قلوبهم من ضغائن وأحقاد للمسلمين، ولكن المُغيرة بن شعبة عامله على الكوفـــة كتب إليه يطلب منه الإذن بدخول غلام له اسمه "فيروز"، ويُكنى بأبي لؤلؤة، لينتفع به المسلمين؛ لكونه كان يتقن عدة صناعات؛ فأقره عـُمر، وذات يوم اشتكى أبو لؤلؤة لـ عمـــر أن واليه ُالمُغيرة يفرض عليه خراجًا كبيرًا، فلما سمع منه عمر قال له: أن خراجك ليس بالكبير على ما تقوم به من أعمال، فاغتاظ أبو لؤلؤة المجوسي من ذلك ومن ثم جاء ترجمة ذلك بفعلته الشنعاء وأضف إليه مقتل عثمان بن عفان في يوم الجمعة17 يونيو 656م-19 ذو الحجة 35هـ ؛الذى أنتج الفتنة الكبرى التى فجرها السبأية الغُلاة، المتظاهرين بحب الإمام علــى ، وباطنهاالأحقاد على قريش وأفخاذها، ثم أتى إستشهاد الإمام علــــى رضى الله عنه في يوم الجمعة 29 يناير661م-23 رمضان40هـ ــ وذلك من توابع ماسلف ذكره، وجاء تسميم الإمام الحسن وهو الخليفة الخامس ــ بعد ذلك ونجم عنه وفاته في يوم الإثنين واحد إبريل670م-5 ربيع أول 50 هـ ،ثم أعقبه إستشهاد الإمام الحسين رضى الله عنه فى يوم العاشر من محرم سنة 61 هجرية الموافق 10 أكتوبر سنة 680م. ويسمى بعاشوراء وقد ظل هذا اليوم يوم حُزن وكآبة عند الشيعة ؛ فالشهيد هو من أغتسل بدمائه متوضئاً منها ثم شهِد الحضرة الإلاهية بالفردوس الأعلى من الجنان ؛إثابة له على شهادته ":وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ، بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" )[3]( ؛فقُصارى قولى أن كل هؤلاء الشهداء الأتقياء ناجم عن أنهم كانوا ينشدون الصالح العام لرعاياهم وأبناء جلدتهم وإخوتهم في الإسلام ،إلا أن الأثرة والنفعـية والأنانية والحقد أعمى نفوس القتلة وأوغـر صدورهم ؛فقاموا بأفعالهم الشنعاء ضد أمرائهم وحكامهم الأتقياء ... ومن ثم نجم  ذلك عن الصراعـات والنعـرات العائلية الغابرة؛ فهناك الهاشميون والعبشمسيون رغم أنهما أشقاء توائم ،ولكن: كما أخذ الهاشميون السلطة الدينية وعلى رأسها محمد ﷺ؛ فلابد أن تكون السلطة الدنيوية على رأسها العبشمسيين وهم الأمويون وأبناء الحكم بن أبو العاص رغم أن عثمان بن عفان عبشمسى من أحفاد أبو العاص وجميعهم بيت واحد ،فلم يكفهم ذلك كما سيأتى فى الثنايا اللاحقة للموضوع ناهيك من الصراع العباسى العـلوى الذى أدمى البشرية...

وبتركيز أكثر أقول: لا تعصُب ولا عصبية، ولا تحزُب ولا حِزبية، ولا تمذهُب ولا مَذهبية، فى موضوع إستشهاد الإمام رضى الله عنه ولكن طريقة معالجة الموضوع واحتوائه من قِبل يزيد بن معاوية ورهطه كانت طريقة بشعة تشمئز منها النفوس؛ فلا احترام للدم الشريف الذى أُهُدِر ،ولا مراعاة لحُرمة رسول الله ﷺ وأحاديثه عن محبته للإمام؛ فعَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ")[4]( ويفهم منه لاحقا أن من قتل الحسين فقد أجهز على رسول الله ﷺ ــ حاشاه ــ   فأى شناعة هذه! وأى إسلام ذلك! فإن قاتليه يدَّعون الإسلام وليسوا منه. وتحضرنى هنا ذكرى لرسول الله ﷺ  عندما وقف خطيبا فى أصحابه رضوان الله عليهم؛ فقال: أتدرون من خير الناس أُما وأبا ، قالوا الله ورسوله أعلم ؛ فقال :الحسن والحسين خير الناس: أُمهما الزهراء وأبوهما علــى ، ثم قال ﷺ أتدرون من خير الناس خالا وخاله ، قالوا الله ورسوله أعلم ؛ فقال الحسن والحسين خير الناس: خالهم أبو القاسم وخالتهم زينب، ثم قال ﷺ أتدرون من خير الناس عما وعمه ، قالوا الله ورسوله أعلم ؛ فقال الحسن والحسين خير الناس : عمهم جعفر الطيار وعمتهم أم هانىء ربيبة المختار،  ثم قال ﷺ أتدرون من خير الناس جدا وجدة ، قالوا الله ورسوله أعلم ؛ فقال الحسن والحسين خير الناس : جدهم النبى ﷺ وجدتهم خديجة رضى الله عنها.

فياللعجب! أيقتلون مَن هذا شأنه، وسُمُّوه، فليس ثمَّة شك أنهم فُجَّار مارقين عن الدين قال فيهم تبارك وتعالى:" وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ، يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ" )[5]( ،وعلى ماسبق قسَّمت خطتى في السرد إلى فصول عدة ؛فجاء الفصل الأول عن بلاد العرب وطبيعتها الجغرافية ثم مُدُن بلاد الحجاز الرئيسية يعقبه، الفصل الثانى: عن أبا الحسنين رضى الله عنهم ،ثم الفصل الثالث عن المسلمين ونشاطهم في الجزيرة العربية ،أردفه بالفصل الرابع: ويوضح نشأة الأمام ورفضه مبايعة يـزيد ،يليه توجهه للكوفة ومواجهة الأمويين واستشهاده، مع تحليل للأحداث، وبعده الفصل السادس: وأسرد فيه توابع الثورة الحُسينية من ثورات وما ذُكِر عن الإمام. يليه الفصل السابع ويحتوى على تقريظ الفقهاء والعلماء للإمام رضى الله عنهم ثم الفصل الثامن: ردود علماء أهل الخِلاف على من انتقض خروج الحسين، وبعده الخاتمـــة من وجهة نظرى التاريخية الموضوعية المتواضعة. وفى النهاية أرجو أن أكون قد وُفِقت في طرح سيرة الإمام رضى الله عنه لكى نستمد منها العِبر والعظات" مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ، فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" )[6]( والله المُستعان،،، وللمزيد اقتناء الكتاب من دار ببليومانيا للنشر والطبع والتوزيع مصر محمول وواتس 01030504636     .....                       

 سورة إبراهيم 7([1])

نسبة إلى إبنته وإسمه فيروز النهاوندى ويُدعى في قومه بأبى شجاع الدين ([2])

 آلـ عمران 169.([3])

[رواه الترمذي وحسنه الألباني]. ([4])

 سورة التوبة 8([5])

 الأحزاب 24.([6])