خريف العرش
صدر حديثًا رواية "خريف العرش" جديد الكاتب البحريني أحمد جمعة، أحدث أعماله الروائية الصادرة عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع في القاهرة بعد روايات "ليلة الفلفل في لوغانو" و"شاي مع ماريو فيتالي" و"شارع النحس"
في زمنٍ ماضٍ عتيق يكمن وراء اسطورة غباريّة، أقام دكتاتور يدعى الإمام خردلة بن سماعة النبهاني مملكته الخرافية، مكث يحكم بالنار والفولاذ، بلا دستور أو عُرف مثل بقية الدول بما فيها الدموية، أحاطها بقوانينٍ وقيود يندى لها الجبين. حكم تلك المملكة الواقعة في جغرافيا المنطقة الموشاة اليوم بجغرافيا مجهولة، سلب السلطة من والده بانقلابٍ دام ونزعها من أخيه ولي العهد ثم استحوذ على خطيبته وأقام في قصر السلطان ونصَب نفسه إمامًا على المملكة وحكم باسم الله...بلغت سلطته أوج المطلق عندما أرسى قواعد خرافيّة تقوم على أنهُ ممثل السماء وبالوقت نفسه منفذ الأحكام، ما أدى إلى حُكم خرافي يفوق دكتاتوريات القرون الوسطى...
بسقت وحشيّة الإمام بأمرهِ منذ تولّي الحكم بمقتبلِ عمره، بلغت عنان السماء، كلما نمت سنواته راح يتنامى مع الموت، زادت وحشيّتهُ بتدفُق شكوكه كفوهات قيامة، صاغ الإمام، وكيل الله بالأرض، قوانين وفرمانات إلهية طرّزها بآياتٍ من دمهِ تجاه كلّ من يطوفون حوله، ويُسبِّحوا بمملكتهِ التي تُشرق عليها الشمس نهارًا وتُظلم ليلًا، فلو كان بيدهِ لمنع أشعة الشمس من البزوغ. يرى ظلام الكوّن وسيلةً ربانية لجعل سكان المملكة في عمى شامل حتى لا يرى بعضهم بعضًا، منع ايقاد القناديل في الليل... حظَر التجوال...منع ارتداء النظارات السوداء...أصدر قافلة فرمانات إماميه شمِلت تحريم الغناء وإقامة الحفلات وسماع الموسيقى واقتناء الكتب، إلا القرآن وكتبًا لسلفيين، أوْكل لهم تدبير شئون السكان... كل من تجاسر وحاز جرأة ورغبة بالقراءة، يفقد الحياة، زمرة ممن هرّبوا الكتب سرًا، غامروا بأعناقهم، كانت عقوبة القراءة الإعدام...إنه زمن الخريف الأبدي كُتب على سكان مملكة ياروبا أن يتعايشوا معه، ومع شرذمة وزراء شؤم نصّبهم في وزارات صورية. هو من يُشرِّع وينفِّذ القوانين، أما أهم الوزراء السياديين الذين ذيّلهم بصلاحياتٍ مستمدّة من بصمتهِ، وزوّدهم بخواتمٍ تدل على هيبتهم التي يستقونها منه، كوزيرة السحر غير المرئية، لا تجتمع أو ترى أحدًا ولا يُشَمُ لها رائحة إنما تُصْدِر قراراتها وتعلن اجراءاتها دون ارتداد، تحريم كل ما يتحرك، بذريعة إشاعة البدع وتغريم كل من يعصي القواعد بسلبهِ خصيتيه لإبطال سحره...هذا عصر الإمام خردلة بن سماعة النبهاني
مزيد من القراءة
فعاليات
مناقشة رواية قلب ظلمات لجوزيف كونراد
إبريل 27, 2024
تمت مناقشة قلب ظلمات لجوزيف كونراد يوم السبت 27 إب...
الأديب: رؤية ومسيرة ... حوار مع فرانسيس بويل عبر تطبيق زووم
فبراير 24, 2024
تمت هذه الحلقة في 24 فبراير 2024 وتستطيع مشاهدة حو...
مناقشة رواية مصرية للدكتورة فوزية أسعد
نوفمبر 25, 2023
احتفاء بفوزية اسعد الروائية المصرية وأستاذة الفلسف...
عرض ومناقشة رواية أكثر العيون زرقة لتوني موريسون
أكتوبر 28, 2023
عرض ومناقشة رواية أكثر العيون زرقة لتوني موريسون ع...
احمد جمعة - منذ 9 أشهر
أول رواية على الأرض نسبيا!!!
تأليف روايةـ هو اختراع شيطاني لن أعرف مطلقًا من؟ ومتى تمّ ابتكاره، لكن أول رواية نزلت على الأرض كما يخبرنا الناقد السري صاحب الكشف عن ذرات الحروف والكلمات، كانت رواية "خريف العرش"
نسبيًا لا، لا، ليست مزحة مطلقًا، هكذا توارد لذهني منذ قرأتها القراءة الأولى ودفعت بها للمطبعة ثم صدرت وحينها لم ألمس نسخة منها، إذ غادرت بعدها في سفرة سديمية غبتُ خلالها عن الوعي لزمنٍ طال أم قصر، لا أعلم كم امتد، قرن؟ عقد؟ سنة؟ يوم أو ساعة المهم صحوتُ وفوق رأسي سحابة ورقية بلون العدم تفيد بصدور رواية "خريف العرش"
ترى ماذا يجعلها مختلفة؟ سألني ضمير مستتر وهو يضع تاريخ طويل من الكتابة والتأليف وحرق بخور السحر الروائي من سواحل وجبال وغابات أمريكا اللاتينية حتى ساحل هنا البحرين!!
أثرتُ عاصفة صحراء غبارية بسبب تغريده عابرة بل خاطفة، مرت ببالي من بين ألوف التغريدات المتداولة بين المجرات، صحوتُ على أصوات استنكارات، تنديدات، إدانات ودعم محفوف بالخجل وصوت مبحوح وانتشرت في فضاء هنا البحرين بشائر هزيمة لغافٍ فوق الغيوم والسحب يعالج اجنحته المتعبة بخلايا عاهرة مسكونة بالخبث تسلّلت من أين؟ لا أعرف واستوطنت مثل محتل بوابة التنفُّس لتقطع هواء الحرية، لكن رواية "خريف العرش" فلتّت سهام الخلايا وخرجت للحرية بعد سنتين من ملونة بطيفٍ وضيع في استلاب حريات وتجويع وتمثيل مسرحي، خرجت من حروب نفسية وطقسية، ورقابية أتنفس كما كنت دائمًا هواء حرية غير مسبوقة بالمطلق، فكّكتُ كل قيود صُنعت منذ زمن خردلة بن سماعة النبهاني إمام مملكة ياروبا " خريف العرش"
سكب رواية على أرض قاحلة...قراء ونقاد ومعارض ومكتبات ودور نشر، وأضواء وجوائز ومجلات وجرائد كلها خاضعة للإمام خردلة!! من هو؟
لا إجابة إلا من وراء الشمس!!