خطورة تلوث المياه والاطعمة بالميكروبات المعدية

تنتشرفي بيئة الانسان والحيوان انواع كثيرة من الميكروبات المفيدة والضارة، ومنها الفيروسات والبكتيريا والطفيليات والفطريات، وأكثر هذه الميكروبات مفيدة وهامة لحياة الانسان بشكل مباشر وغير مباشر، وخاصة الأنواع التى تستقر وتتكاثر بصورة طبيعيه وباعداد كبيرة في الأمعاء وتخرج مع البراز، وفي مقدمتها بكتيريا القولون . ولكن على الجانب الآخر هناك أنواع قليلة من الميكروبات المعدية التي تؤدي الى الأمراض والوفيات اذا وصلت الى الجهاز الهضمي للانسان وحتى لبعض الحيوانات الأليفة التي يتغذى عليها الانسان، وتدل الدراسات وتقارير منظمة الصحة العالمية وغيرها بأن هناك ملايين الأشخاص سنويا يمرضون نتيجة تلوث المياه وتسمم الطعام .
ويعتبر الماء والطعام الوسيلة المناسبة والسهلة لنقل الميكروبات الممرضة. فلذلك يجب منع تلوثهما بالميكروبات للمحافظة على الصحة العامة في أي تجمع بشري. وقد يحدث أن تصل الى أمعاء الأنسان أو الحيوان أنواع من الميكروبات الممرضه وتتكاثر هناك بأعداد كافيه مسببة أمراض الاسهالات وفي حالات قليلة خمج الدم والأنسجه الداخليه للجسم. وقد يصبح الانسان والحيوان بعد مرضه حامل مؤقت أو مزمن لهذه الميكروبات المعديه ولفترات محدودة تستمر من أيام الى أشهر، وقد تبقى بعض الميكروبات كامنة داخل الجسم طوال حياة الشخص المصاب مثل سلمونيلا المسببة لحمى التفوئيد .
ولهذا يجب اعتبار فضلات الانسان والحيوان دائما كمصدر محتمل لنقل الميكروبات المعديه والممرضة، وان اي تلوث يلحق بمياه الشرب أو مصادرها عن طريق هذه الفضلات مباشرة أو خلال مياه المجاري سيؤدي حتما لحدوث حالات مرضيه فرديه أو جماعيه بشكل أوبئه يزداد عدد المصابين بها مع مقدار التلوث الحاصل.



* التسمم الغذائي
يعتبر التسمم الغذائي بالميكروبات المعدية في مقدمة الأمراض التي يمكن أن تصيب الإنسان خلال حياته اليومية، وبالتأكيد تصل حالات التسمم الغذائي الجماعي في العالم الى مئات الملايين سنويا . وتمثل وجبات الطعام الجاهزة التي تقدم في المطاعم وتباع في المحلات التجارية المسبب الرئيسي لحالات التسمم الغذائي الميكروبي في البلدان المتقدمة، وذلك بسبب تحول غالبية الناس في تلك الدول الى عادة تناول وجبات الطعام خارج البيت أو شراءها جاهزة للأكل، وأما في البلدان النامية والفقيرة فيحدث تلوث الاطعمة أثناء تحضيرها في البيت او المطاعم نتيجة نقص كميات المياه النقية وعدم العناية بتنظيف الأيدي والأدوات والمواد التي تستعمل في أعداد وجبات الطعام بالشكل المطلوب، إضافة الى انخفاض مستوى نظافة العاملين ومكان العمل. ولا تتوفر في الأردن إحصائيات دقيقة عن عـدد حالات التسمم الغذائي بالميكروبيات أو أنواعها المختلفة، وحسب المعلومات المتوفرة في سجلات وزارة الصحة الأردنية وما ينشر في الجرائد المحلية، يتبين أن هناك مئات حالات التسمم الغذائي التي تحدث سنويا ويجري معالجتها في المستشفيات، وبالتأكيد هذه الحالات لا تمثل مجمل الحالات التي تحدث وتسجل في كافة مناطق الاردن، وعموما تكثر حالات التسمم الغذائي خلال أشهر الصيف وخاصة مع أرتفاع درجة حرارة الجو.

ويتم تعريف حالة التسمم الغذائي الميكروبي بالتالي : مجموعة الأعراض والعلامات المرضية التي تشمل غالبا وبالبداية القيء والإسهال ومغص باطني وغشيان، وتظهر بعد تناول الطعام الملوث بها وخلال فترة 1-48 ساعة. وليس بالضرورة أن تظهر جميع هذه الأعراض والعلامات المشتركة عند كل شخص مصاب بالتسمم الغذائي وبنفس الحدة، كما تلاحظ في حالات قليلة حمى وصداع ومضاعفات خطيرة تؤثر على الجهاز العصبي والتنفسي في جسم المصاب.


التسمم الغذائي بالميكروبات

تشير المراجع الموثقة بأن معظم حالات التسمم الغذائي بالميكروبات والتي تحدث بشكل جماعي تسببها أنواع قليلة من البكتيريا المعدية أثناء نموها وتكاثرها في الغذاء الملوث أو عند وصولها الى أمعاء الإنسان بعد تناول الغذاء الملوث بها، وأهمها التالية:
- مجموعة سلمونيلا الالتهاب المعوي Salmonella gastroenteritis

تحتل المرتبة الأولي كأحد مسببات التسمم الغذائي في معظم الدول المتقدمة والنامية. وفي الاردن تبين الدراسات والتقرير بأنه يحدث كل عام حالات تسمم جماعية بالسلمونيلا، وكان آخرها حادثتين وقعتا خلال نهاية فصل الصيف الماضي (2006)، ومنتصف الشهر الشهر الرابع لعام 2007. وفي كلاهما أصيب ما يزيد عن مائتين شخص نتيجة تناول سندويشات اللحم مع المايونيز الملوثة بالسلمونيلا. ويعود سبب كثرة حالات التسمم الغذائي بالسلمونيلا لكون مجموعة السلمونيلا المعوية واسعة الأنتشار في أمعاء الأنسان والحيوانات والطيور والزواحف، وكذلك سهولة انتقالها إلى الإنسان بواسطة تلوث لحوم الدواجن والبيض والألبان في المزارع أو عن طريق تلوث أيدي العاملين والأدوات أثناء تحضير وجبات الطعام في المطاعم والبيوت أو من خلال تصنيع الأغذية بطريقة غير نظيفة وصحية. وتتميز أعراض التسمم الغذائي بالسلمونيلا بالتالي: بعد تناول الطعام الملوث بها وخلال فترة حضانة مدتها 6-24 ساعة، يحدث التهاب معدي-معوي حاد يترافق مع حمى وإسهال مائي شديد وأحيانا مع قيء وإرهاق بالجسم، ويشفى المريض عادة بعد فترة قصيرة لا تتجاوز اليومين. وفي حالات قليلة يفقد المصاب كمية كبيرة من سوائل الجسم أثناء الإسهال ويحتاج الى مراجعة المستشفى لتعويض ما فقده من سوائل ولمراقبة حالته الصحية ولمنع أي مضاعفات مرضية. ولا ينصح أعطاء المرضى البالغين أصحاء الجسم عادة المضادات البكتيرية، لأن استعمالها يؤدي أحيانا الى اطالة مدة المرض وزيادة مقاومة بكتيريا السلمونيلا للمضادات المستعملة اذا لم يتناولها المريض بصورة كافية وصحيحة أثناء فترة العلاج. وأفضل الوسائل لمنع انتشار التسمم الغذائي بالسلمونيلا أن تقوم الدوائر الصحية المختصة بصورة مستمرة بمراقبة ذبح وتنظيف وحفظ لحوم الدجاج وغيرها في المسالخ والمحافظة التامة على نظافة المطاعم والعاملين فيها وسلامة المياه المستعملة والتأكيد على ضرورة حفظ الأغذية المعدة للأكل في الثلاجات التي يجب أن لا تزيد درجة حرارتها الداخلية عن ثلاث درجات مئوية.

- مكورات ستافلوكوكس أوريس/ الذهبية Staphylococcus aureus

يكثر وجود هذه البكتيريا في مناطق مختلفة من جسم الإنسان وخاصة بالأنف وثنايا الجلد والجروح ، وتقوم بعض سلالاتها بإفراز نوع من الذيفان / السم المقاوم لحرارة غليان الماء (مائة درجة مئوية) ولمدة لا تقل عن عشرين دقيقة. وهذه البكتيريا تفرز الذيفان أثناء تكاثرها في أنواع الغذاء الغني بالملح والبروتينات، مثل وجبات الطعام التي تحتوي على اللحوم ومشتقات الألبان والبقوليات التي يتم حفظها بعد التحضير في مكان دافئ بدرجة 20 مئوية وأكثر، ولفترة عدة ساعات قبل تناولها . وبما أن بكتيريا ستافلوكوكس أوريس تنتشر بكثرة في تقرحات وجروح الأيدي، كما توجد في الأنف وتحت أظافر اليد عند نسبة غير قلية من الأفراد، ولذلك يكثر ويسهل تلوث وجبات الطعام بها أثناء تجهيزها في المطابخ مباشرة عن طريق أيدي العاملين أو الأواني والأدوات المستعملة والملوثة بالبكتيريا. وتشير معظم المراجع العلمية بأن التسمم الغذائي بهذا النوع من البكتيريا واسع الانتشار ويأتي في المرتبة الأولى أو الثانية بعد السلمونيلا كمسبب لحالات التسمم الغذائي في العالم.
وتتميز مظاهر حالة التسمم الغذائي ببكتيريا ستافلوكوكس أوريس بما يلي : مدة حضانة قصيرة تتراوح ما بين 1-6 ساعات، و بعدها يعاني المريض من غثيان ومغص باطني مع قيء، وفي حالات قليلة يحدث إسهال مائي، ولا يلاحظ ارتفاع بدرجة حرارة الجسم. وقد يؤدى القيء والإسهال اذا استمر لعدة ساعات إلى حالة جفاف وأرهاق شديد في الجسم وخاصة عند الأطفال وكبار السن، وفي معظم الحالات يشفي المريض خلال 24 ساعة ودون الحاجة لاستعمال أي دواء.




- عصيات باسيلس سيريوس Bacillus cereus

تنتشر هذه البكتيريا بكثرة في التربة والغبار لكونها تتميز بتكوين الأبواغSpores المقاومة للجفاف لفترة طويلة أثناء وجودها في الطبيعة، كما أنها تقاوم درجة غليان الماء لفترة لا تقل عن نصف الساعة قبل أن تتلاشى. ولذلك يكثر تلوث محاصيل الأرز والبقوليات ومن ثم الوجبات الغذائية التي تحتوي على الأرز واللحوم بها، وخاصة اذا لم تطبخ جيدا بدرجة الحرارة العالية. وتحدث حالات التسمم بهذا النوع عندما تترك وجبات الطعام الغنية بالبروتينات والنشويات في مكان دافئ لعدة ساعات، حيث تتكاثر بكتيريا الباسيلس وتفرز الذيفان، وتؤدي إلى حالات تسمم غذائي تشبه لحد كبير في المظاهر المرضية ومدة الحاضنة حالات التسمم ببكتيريا ستفلوكوكس أوريس. ويكثر التسمم الغذائي ببكتيريا الباسيلس في بلدان جنوب شرق أسيا والصين نتيجة تناول الرز المسلوق والسمك التي تقدم بشكل بارد.

- عصيات كلوستريديوم بيرفرنجيس Clostridium perfringens :

تنتشر بكتيريا كلوستريديوم بكثرة في الطبيعة وفي فضلات الإنسان والحيوانات، وتتميز بتكوين الأبواغ المقاومة لدرجة حرارة مائة مئوية لمدة تتراوح من 1-3 ساعات، وتنتج أنواع مختلفة من الذيفان الممرض للجهاز الهضمي. وتلوث هذه البكتيريا الطعام الذي يجهز بكميات كبيرة ويحتوي على اللحوم والأرز، كما تتكاثر هذه البكتيريا في الطعام الذي يترك لفترة ساعات في درجة حرارة دافئة، ويأكل في اليوم التالي بعد التسخين البسيط الذي لا يكفي للقضاء عليها وعلى الذيفان الذي تم أفرازه في الطعام وامتصاصه في الأمعاء الغليظة للشخص المصاب . وتظهر حالة التسمم المرضية بعد حضانة 6-36 ساعة، حيث يحدث مغص باطني واسهال مائي متوسط الشدة يستمر لمدة 1-4 أيام، ونادرا ما يحدث قيء أو حمى، ويشفي المريض عادة بدون الحاجة لتناول أي علاج.
تشخيص حالات التسمم الميكروبية
يتم تشخيص حالات التسمم الغذائي الفردية غالبا بالاعتماد على الأعراض والعلامات المرضية التي يشكو منها الشخص المصاب، وفي حالات التسمم الجماعية يطلب الطبيب من المختبر الكشف عن المسبب الحقيقي، ولذلك يوصي بأخذ عينات بسرعة من بقايا الطعام الذي أستهلك، وكذلك عينات براز من جميع أو بعض الأشخاص المصابين. وحسب خبرتنا تستطيع المختبرات الحديثة في الاردن اكتشاف معظم مسببات التسمم الميكروبية والكيماوية.


* أنواع الميكروبات المعدية المسببة للإسهالات

هناك أنواع متعددة من الفيروسات والبكتيريا والفطريات والطفيليات تسبب حالات إسهال واضطربات معوية تشابه حالات التسمم الغذائي لحد ما، وتشمل غالبا حدوث التهاب في بطانة الأمعاء وإسهال مائي أو مخاطي- دموي يستمر لفترة يوم الي ثلاثة أيام. ومن أهم هذه الميكروبات التي لا تزال تنتشر مع تلوث المياه والتي يجب الحذر منها ومنع وصلها الى مياه الشرب التالية:
* سلمونيلا حمى التيفود) (S. typhi
تعتبر سلمونيلا الحمى التيفــــــية وسلمونيلا البار تيفــــية من اخطر أنواع البكتيريا المعدية التي تؤثر على صحة الانسان وتؤدي الى الوفاة . والإنسان وليس الحيوان هو المستودع الوحيد الموزع للعدوى بها . تنتشر العدوى عادة عن طريق تلوث مياه الشرب والطعام الطازج ببراز المريض او الحامل للميكروب او مباشرة من المريض الى الآخرين. ولذلك يجب اعتبار براز المرضى والحاملين بها دائماً بؤرة خفية لأحتمال انتشار وباء التيفود. ويكفى للعدوى عملياً عدد قليل من بكتيريا سلمونيلا التيفية التى عندما تصل الى الجهاز الهضمي للانسان، تتكاثر فى الامعاء خلال فترة حضانة تتراوح مابين عدة ايام الى ثلاثة أسابيع وبعدها تغزو الدم محدثة خمج الدم الحــاد ، يلاحظ عند المريض أهم الاعراض والمظاهر المرضية التالية : حمى عالية ومستمرة ، الآم في البطن ، وجع شديد بالراس والعضلات امساك او إسهال دموي ، تضخم بالكبد والطحال ، إنخفاض جسماني يستمر عدة ايام مع حالةإنحطاط هذيان وتشنج قد تؤدي الى وفاة المريض اذا لم يتلقى العلاج اللازم اذا لم يستطيع جسمه مقاومة المرض. ولا تزال العدوى بحمى التيفية واسعة الانتشار في بلدان العالم النامي ومن بينها عدد من البلدان العربية، واما في البلدان الصناعية المتقدمه فقد اصبحت حالات حمى التيفية نادرة الحدوث ومستوردة من البلدان النامية أثناء السفر والاقامة بها. وفي الاردن إنحسر أنتشار حمى التيفية فعلياً منذ مطلع التسعينات، كنتيجة لتوفر الخدمات الصحية الاساسية من مياه الشرب النظيفة والمعالجة بالكلوره وأنتشار شبكات الصرف الصحي في معظم المناطق السكانية. ومع ذلك فقد حصلت عدة أوبئة محدودة وأصابات في المرض في بعض المناطق الريفية نتيجة أهمال في الاصحاح البيئ خلال السوات الأخيرة.

* بكتيريا الشيغلا- Shigella
تتميز هذه البكتيريا بقدرتها البقاء حية في المياه الباردة والنقية لعدة أسابيع ، ولكنها سرعان ما تموت اذا تعرضت للجفاف أو الحموضة. ويعتبر الانسان المستودع الحي الرئيسي والموزع لها اثناء فترة المرض والنقاة التى قد تدوم عدة أسابيع. وتتم العدوى عن طريق التلامس بالايدي الملوثة ببقايا البراز او بواسطة تلوث مياه الشرب والطعام الطازج بمياه المجاري او براز الشخص المريض او الحامل لها في الامعــــاء . ويكفى للعدوى بــــــداء الشـــيغلات الحــــاد
( الدوسنطاريا Dysenteriar) عدد قليل من الخلايا الحية وفترة حضانة يوم الى يومين ، فيحدث التهاب قيحي ـ دموي واسهال مائي ـ مخاطي حاد . ويلاحظ فى معظم الحالات مغص باطني شديد وحمى خفيفة ، وقد يستمر الإسهال لعدة ايام مسبباً الجفاف وخطر الوفاه اذا لم يتلقى المريض العلاج اللازم.
ولاتزال اسهالات الشيغلات تمثل قسماً هاماً من مجمل اعداد الاسهالات التى تحدث بكثرة فى معظم بلدان العالم النامي وباعداد قليلة في باقى بلدان العالم. وتكثر الاصابة بين اطفال المدارس الصغار ونزلاء المستشفيات ، وفي المناطق التى تقل فيها العناية بالنظافة العامة او تنقصها أمدادت مياة الشرب النقية وخلال أشهر الصيف.
* بكتيريا القولون المعدية ـ Escherichia coli
تتميز هذه البكتيريا بكثرة تواجدها فى أمعاء الانسان والحيوان والطيور ومصادر المياة المتلفة. ومعظم سلالات هذه البكتيريا تعتبر مفيدة وضروريـــة لعمل الامعاء وصحة الانسان ، ولكن على الجانب الاخر يوجد عدد من السلالات التي تسبب امراض الاسهالات الخفيفة او الحادة ، وذلك حسب نوع السمية المعوية ـ Enterotoxin او آليات الغزو والعدوى التي تنتجها هذه السلالات عندما تصل الى الامعاء . وتبين الدراسات ان انتشار السلالات الممرضة يقل بين السكان مع توفر مياه الشرب النظيفية وتقدم الخدمات الصحية الاساسية ، كما ان حوالي 30 ـ %50 من اسهالات المسافرين من البلدان المتطورة الى البدان النامية تسببها سلالات خاصة ممرضة منها . ومن المفروض ان تقوم الحهات الصحية الرسمية فى كل بلد بمراقبة جودة مياة الشرب بصورة مستمرة من الناحية الكيميائيه والبيولوجية . وتشترط منظمة الصحة العالمية على انه يجب ألا تحتوى أى عينة ماء مقدارها 100 مليمتر مأخوذه من شبكة توزيع المياه على خلية حية واحدة من مجموعة بكتيريا القولون التى مصدرها البراز.

* بكتيريا الكوليرا Vibrio cholera
تشير تقارير منظمة الصحه العالمية الحديثه للسنوات الخمس الأخيرة بأنه لاتزال تحدث مئات الآلاف من حالات الكوليرا سنوياً فى عدد من بلدان العالم النامي في آسيا، افريقيا وامريكيا الجنوبية ومنها بعض البلدان العربية. فبكتيريا الكوليرا تفرز سم معوي يؤثر بسرعه على أمعاء الشخص المصاب فيؤدي الى اسهال مائي حاد قد يترافق مع قياء، ويفقد المريض خلال ساعات قليله كميه كبيره من سوائل الجسم، مما يعطل أجهزة الجسم الحيوبه، وقد تسبب الكوليرا وفاة المريض اذا لم يقدم له العلاج السريع. وبكتيريا الكوليرا تموت بسرعه بالجفاف والوسط الحامضي، ولكنها تعيش وتتكاثر في الوسط القاعدي وبدرجه حراره مئويه تتراوح ما بين 40-10. ويعتبر الانسان الناقل الوحيد المعروف حتى الآن لبكتيريا الكوليرا. تتمثل الدوره البيولوجيه لبكتيريا الكوليرا بانتقالها من براز الإنسان الى مياه المجارى او مصادر المياه الاخرى حيث تعيش هناك لفترة زمنية مختفية في بيئة المياه البيولوجية حتى تتاح لها الفرصة مرة ثانية لعدوى الانسان . وتحدث العدوى بالكوليرا غالباً عن طريق تلوث مياه او الخضروات الورقية مثل الخس والبقدونس وغيرها والتي تؤكل نيئة، ولذلك يجب منع استعمال المياه العادمه في سقاية الخضروات الورقية. ولا يزال مرض الكوليرا يثير الذعر والخوف في نفوس الكثيرين بالرغم من الحقيقة الطبية التي اثبتت سهولة معالجة مريض الكوليرا حالما يتم تشخيص الحالة والبدء بالعلاج الضروري وبسرعة لتعويض جسم المصاب السوائل التي فقدها، ولا حاجة لتلقيح السكان ضد الكوليرا، فيكفي أن يتم ضبط نظافة ونقاء مياه الشرب بالكلورة لمنع حدوث اي وباء بمرض الكوليرا.

وهناك مجموعة بكتيريا فبريو باراهيموليتكس Vibrio parahaemolyticus ومجموعة بكتيريا أيروموناس Aeromonas التي تعيش في مياه البحار وتلوث الأسماك والمحار ومجموعة بكتيريسا كامبيلوباكتر المعوية المعدية Campylobacter التي يكثر انتشارها بين جميع أنواع الحيونات والطيور اللاحمة وكذلك االقطط والكلاب المنزلية. وهذه الميكروبات واسعة الانتشار في الطبيعة وبين البشر والحيوانات. وهناك أيضا أنواع من البكتيريا والفطريات يؤدي تلوث الطعام بها الى تحلل مكونات اللحوم والألبان والبيض والسمك وأنتاج مواد شبه سامة تعرف بالبتومينات Potmaines، وهذه بدورها إذا وجدت بكمية كبيرة في الطعام تفسد الطعم وتسبب اضطرابات معوية مختلفة.

* الفيروسات المعويه المعدية
كما هو معروف تحتوى أمعاء الانسان والحيوانات والطيور عادة على أنواع مختلفة من الفيروسات المعوية، وتسبب عددة انواع رئيسية من الفيروسات المعوية المعدية ما يقارب % 80 من مجمل التهابات المعدة والامعاء التي تشاهد بكثرة بين الاطفال الصغار وبشكل اقل بين الاشخاص البالغين . وقد ثبت علمياً بان نسبة كبيرة من حالات الاسهالات ( % 50 - 30 ) في العالم تحدث نتيجة تلوث مياه الشرب بالفيروسات التالية :
فيروس روتا Rota Viras ، ومجموعة فيروسات نوروك Norwalk Viruses وفيروسات أدينو Adenovirus . وهناك عدد من الفيروسات التى تنقل مع مياه الشرب وتعدي الانسان وتتكاثر في أنسجة الامعاء مسببة أحيانا اسهالات خفيفة كمرض ثانوى، وبعضها تنتشر من الامعاء الى الدم وباقي أعضاء الجسم الداخلية وتكون سبباً لامراض معدية هامة قد تعرض حياة الشخص المصاب للخطر ، خاصة الاطفال، ومنها فيروس شلل الاطفال Poliovirus وفيروس التهاب الكبد الوبائي أ وياء Hepalitis A and E)ُ) ومجموعة فيروسات كوكساكي Coxsachie Viruses .

* الطفيليات المعوية المعدية
تنتشر أمراض طفيليات الجهاز الهضمي بصورة كبيرة جداً في العالم ، خاصة فى بلدان العالم النامي التى تعاني من الفقر وتدني مستوى الخدمات الصحية الاساسية ، وعدم توفر مياه الشرب النقية وبكميات كافية. وتحدث معظم حالات المرض لدى الاطفال الصغار ، وتشاهد عندهم مضاعفات مرضية مثل ضعف النشاط العام ، نقص الوزن ونمو الجسم ، تكرار الاسهال المائي او الدموى وفقر الدم . ومن اهم الطفيليات الأولية الممرضة للإنسان والتي تنتقل مع تلوث مياه الشرب التالية : أنتاميبا هستوليتيكا Entamoeba histolytica ، جيارديا لمبليا Giardia lamblia ، أيسوسبورابيلي Ispospora belli وكريبتو سبوريديوم Cryptosporidium . ومما يذكر ان احد اطور نمو هذه الديدان (الكيسات) لا تتأثر عادة بتركيز مادة الكلور التي تضاف لتطهير مياه الشرب من الميكروبات الضارة . وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية الأخيرة (200-2005 ) بان لايقل عن %10 من سكان العالم (600 - 500) مليون شخص لا يزالون معرضين للعدوى بهذه الديدان سنوياً ويموت منهم مايقارب مائة الف . وأما ديدان البلهارسيا Schistosomas فهناك ما يزيد عن 200 مليون شخص معرضين للاصابة بها سنوياً في عدد من البلدان في افريقيا واسيا وامريكياالجنوبية، ويموت منهم مايقارب 200 الف مريض . ومرض البلهارسيا لا يزال يعتبر من اهم واكثر الامراض المعدية في مصر والسودان. تحدث الاصابة بالبلهارسيا نتيجة اختراق ذوانب ديدان البلهارسيا جسم الشخص أثناء تواجدة في المياه الموثه بالحلزونات المائية الخاصة لأكمال دورة حياتها .

والسؤال الآن ما العمل للوقايـة من الأصابة من الميكروبات المعدية :
تشمل خطة مكافحة الأصابة بالميكروبات التي تؤثر على الجهاز الهضمي للإنسان على عدة عوامل بسيطة سهلة التطبيق في البيت والمطعم ومصانع الألبان والأغذية ومركز تحضير مياه الشرب والمشروبات، وهي التالية :
أولا - الاهتمام الشديد بنظافة أيدي العاملين واعتبار عملية غسل اليدين بالماء والصابون أساسية واسهل وأرخص عمل يمكن أن يقوم به الشخص لمنع خطر انتقال الميكروبات من الانسان الى المواد الغذائية وبالعكس أثناء تحضير وجبات الطعام.
ثانيـاً – المحافظة على نظافة مكان العمل والأدوات والأواني التي تستعمل في تحضير وجبات الطعام، وبحيث أن يتم تنظيف وتحضير مثلا لحم الدجاج للشواء أو الطبخ لوحده، وبعدها يتم غسل اليدين والأدوات المستعملة والانتقال لتحضير السلطة أو أي أطعمه أخري باستعمال أدوات نظيفة وهكذا.
ثالثـا - يجب أن لا تترك وجبات الطعام الجاهزة للأكل مكشوفة للغبار أو في مكان دافئ ولفترة تزيد عن نصف ساعة خارج الثلاجة.
رابعـاً - يجب اعتبار أي تغير بالنسبة للون والرائحة والمظهر الخارجي للحوم والأسماك والألبان أو المواد الغذائية ووجبات الطعام سببا كافيا للشك بعدم صالحيتها للاستهلاك البشري.
خامساً - يجب أن تقوم الدوائر الصحية الرسمية والمختصة بمراقبة المطاعم والشركات والمؤسسات التي تعمل بتقديم وبإنتاج الأطعمة والأغذية، والتأكد بأنها تمارس عملها ضمن شروط صحية سليمة، وتطبق قانون الصحة العامة الذي يضمن سلامة الغذاء والماء من المواد والميكروبات الضارة لصحة الانسان.

* أستاذ الميكروبات الطبية في كلية الطب ومستشفى الجامعة الأردنية
نشرت في مجلة جامعة اليرموك-العدد 93،156-160-2007