We Are the World

هي تلعق شفتيها الملطختين بمعجون "الايس كريم " تختال أمامه في غنجها الاندلسي الغجري .. فاتنة كانت وهي تغمغم بأغنية خمن أنها We Are The World  ل مايكل جاكسن لدعم الشعب الإثيوبي بسبب المجاعة .
هو شارد في تفاهة وروعة اللحظة ..
هي تبدو في المنحدر الرملي الساخن طفلة نزقة بعد ان كانت هنالك على قمة تل (سبتة) سيدة حازمة القوام وحديدية الكلام ...
خمن أنها اوقعته في شرك لعبة يعز عليه التوقع بنهايتها ...
حين بلغا السفح ، كان نادي البحر الابيض يطفو مثل اسفنجة على سطيحة سد تلي تتراقص في قعره اضواء بالوان مختلفة فتبدو المويجات أشرطة راكضة كأنها قوس قزح يتحلل بهاؤه على فاصل مرأب السيارات .
صفوف أشجار الارز .. أغصان مطوقة بعقد زجاجات النور .. حفيف أشجار أخرى متوحشة ، دخيلة من مشاتل استوائية
بعض السياح ، مثنى و جماعات بالبهو ، يرشفون فناجين احادية الأرجل ، اللغو الانجليزي يقفز على اللغو الفرنسي و اللغو الايبيري يتزاحم بين هذا و ذاك في جسارة متحضرة ، وكريستينا ما تزال تغمغم أنشودتها (we are the world )
على جانبي البوابة العريضة مخدعان لحارسين من الريف .. بزي واحد، طربوش اندلسي احمر ، ملفوف في عمامة اطلسية ، و تحت السلهام الكتنسائي عباءة بيضاء و سروال قندريسة مزدان بالطرز الفاسي .. كانت ايماءة كريستينا كافية كي يغمد لسانيهما بيد ان احتماءه بها لم يمنع أحد الحراس من ان يحدجه بنظرة شزر و يهمس لزميله (لكل ليلة فارسها العربي ).
لقد اجتاز البوابة بسلام ، على الواجهة تصميم تكعيبي لهندسة نادي البحر الابيض .. تقدمت كريستينا خطوتين .. تبعها بخطوتين ايضا .. توقفت فتوقف .. استدارت وقالت (سأشرح لك قبل ان نلج معا ). ودست في جيب السالوبيت الازرق رواية (الشمس على الارض ) لكلودا روا .
قال يذكرني هذا المدخل ب.. فقاطعته و هي تلملم ضفيرتها القمحية الى الخلف وتفتح ازرار قميصها المشجر (تصميم النادي مستوحى اصلا من قرية تروبيكالية و ها أنت كما تلاحظ ان الخبير السياحي قد راعى الخصوصيات المناخية والبيئية لهذه المدينة الرائعة ، فالمعمار البراني كما يبدو شبيه بقصبة من قصباتكم الجنوبية ، الا ان الغرف و الصالونات و حلبات الرقص و الاثاث كما سترى مستورد بالكامل، فأجابها ( اعرف ذلك حتى في البنايات الاخرى ، انظري مثلا الى تلك الشاليهات المبثوثة على شريط مارتيل الا توحي لك بمنتجعات هاواي او الكرايبي ؟ فردت و هي تحضن خصره (بالظبط ما الفرق بين هنا و هنالك فما اجمل ان يتوحد العالم ) وانشأت تغمغم ثانية أغنيتها we are the world وبنان سبابتها ينزلق زاحفا بين زوايا ومنعرجات التصميم التكعيبي ، توقفا امام مسبح دائري ، كراسي ، طاولات ، اقتعد تحت مظلة مفوفة بخطوط بيضاء وسوداء ، على اليسار كولوار يفضي الى غرف محجوزة على مدار السنة، شرفات جميلة تطل على شساعة البحرالمتوسط و على اليمين معبر ينفتح على قاعة لعرض أحدث الموضات خلفها قاعة للمؤتمرات مجهزة باليات لاطفاء الحرائق والاسعافات الاولية ، تذكر وهو يحاذي الفاصل الزجاجي السميك لعبة الممرات الزجاجية المفخخة في حديقة الجامعة العربية ، اجتاز الكولوار في صمت ، توفقت ، فتوقف ،ثم واصلت ، فسار وراءها .. مثل ظلها كان .. قاعة الازياء مشعة بافراط . فساتين الدانتيل المتلألئة .. روبات الساتان .. بذلات السموكين .. من سقف القاعة الليلي تتقاطر نغمات البيانو كقطرات رشاش بارد ومنعش ، في الزاوية القصية (مانكان ) رجل منتصب في أمره الابدي ، تبدو قسماته كأنه يوشك على البكاء ..توقف هو الى جانبه .. ثم توارى خلفه ..عيناه متحجرتان ، نبرات البيانو ما تزال تتقاطر من السقف الليلي و حبات عرقه في الداخل تنزلق بين اتلام الصدر عازفة دبكة الغرباء، ايقنت كريستينا انه انفقد على تماس الانخطاف الآني فقالت : (سمفونية ريتشارد ستراوس دون جوان ، الاوركسترا السمفونية لغرناطة بقيادة جورجي سولتا هل فهمت؟ تعال اذن نواصل ايغالنا في هذا الاسترجاع الرومانتيكي.) فسارا على موكيط كستنائي .. طوقت جيده بذراعها النحيفة البرونزية التي خبرت كيمياء التشمس الجنوبي .. زغبها التبري اللامع كالالياف النحاسية ، يغري بالزهد على عتبة فتنتها الهجينة ذات الجذور الجيطانية .. مسحت قامته بنظرة مارقة و قالت (اعتقد انه بيننا ميثاق ما ..لست ادري ما هو ومن أين اتى و كيف شكله ماضيك في حاضري فماذا لو اهديتك ذلك الكوستيم الرمادي الذي رأيناه على ايقونة المانكان ). و ما ان هم بالرد حتى اطبقت على شفتيه طويلا .. في ناصية الممر فتحت كريستينا الباب الخشبي المتين ، فتدفقت فجأة ودفعة واحدة لعلعة موسيقى الروك بصخبها و عنفها و تمزقات قيثارتها تدفق السيل الجارف ، و سرعان ما راعه ما رآه .. اجساد تهتز .. وتنزل واخرى تتلوى .. اجساد كلها تسرد سيرتها الذاتية بالرقص على ذبذبات "الرولينغ ستون" تحت سياط اضواء تشتعل و اخرى تنطفئ .. دخان متماوج .. حرائق لا نار بها .. رائحة غريبة هي مزيج من العرق الراقي والعطر الشمالي و السيجار الكوبي والدلع النادر .. شرعا في رقصتهما الاولى .. كريستينا تدفعه تارة وتسحبه اخرى كالخذروف هو لا يتقن غير (الحضرة) وشتان بين (الحضرة ) و الروك .. هي مبارزة اذن بين رقصتين .. كائن ما ينغل تحت جلدته و يشحذ مفاصيله .. ها هو كيجذب (الله دايم .. الله دايم ) الحضرة هنا و الروك لهيه .. عينا كريستينا تدمعان من فرط القهقهات حتى لتكاد تقع على قفاها .. بعض الرواد كفوا عن الرقص وتحلقوا حولهما .. هي تحاول ان تضبط ايقاع قدميه على الروك فترتدان تلقائيا على( الحضرة) .. هيا ارقص رقصتك الجنوبية ..مزق سترتك .. وان استطعت تشظى. أطلق سراح شياطينك من مرابضها العيساوية .
ها هو فقد توازنه و اوشك على بلوغ "الحلول " و حين يفقد انسان مثله توازنه في اصطخاب (الحضرة) فكل شيء محتمل الوقوع .. ناولته كريستينا بيرة فراح يعبها مغمض الجفنين .. مترنحا ، غير عابئ بتحذيرها .. يندلق السائل الزعفراني على صدره .. ها قد ايقنت أنها فقدت السيطرة عليه حين طفق يغمغم (اين نحن من .. اين انا ؟ في الضفة الغربية ام في البحر الميت أنا في كاليدونيا: أنا في كوادلوب.. أنا في لاس بالماس ) احتارت كريستينا كيف تسترده الى عرينها قبل ان تحدث الكارثة .. قيامة الجذبة .. انتشلته .. نزلت به بعض ادراج الى المرقص السفلي .. علبة ليلية تتدلى من سقفها خيوط كثيفة من نبات السافانا و السرسخ .. طبول السامبا و التانغو و عويل ماكيمبا يتمزق في اجواء الادغال المتوحشة والبئيسة .. قبيلة الاقبية السفلى.. دمدمات كأنها انات معطوبي حرب أهلية بينما في المرقص الفوقي كان المنشط الفرنسي قد استبدل الروك بهدنة موسيقى الصلو .
حين فتح عينيه الفي نفسه مستلقيا وعاريا على السرير .. صوت الرشاش ينطلق خفيضا في الدوش .. دوار يستبد به مثل دوار صبيحة اعقبت ليلة على ظهر سفينة .. بعد لحظة دلفت كريستينا ملفوفة في نشافة مرقطة بدوائر حمراء .. شعرها مبلل .. و بشرتها تشبه جلد دجاجة منفوشة .. دعك عينيه وقال لها (متى سنرحل ..عفوا اقصد متى سنتم رقصتنا) فأجابته (لقد شربت كثيرا حتى اوشكت ان تفعلها في الفوق. (كلا .. كلا لقد كنت تحاولين معي درسك المألوف ، الا انني انزلتني الغريزة الى مواقعي الجنوبية .. انت طبعا تمقتين رحلاتي في الآفاق التحتية.. وانا كما تعلمين و كما رأيت بالامس لا اتقن الرقص في غرفتك العليا.) كان جسده منغمسا في تنمل و خذر عجيبين .. قام بصدره العاري .. اتكأعلى مسند السرير .. اشعل سيجارته الاولى .. مجها بنرفزة وقفز الى المرآة تحسس وجهه .. قسمات ممسوخة .. على الصدغ نذب لم يدر مم وقع ، ربما أثناء هيستيريا (الحضرة ) بالامس... مسح المرآة فألفى و جهه الاول .. نفس تحسس وجهه و مع ذلك شك في حقيقة ما يحمله من قسمات حين احتضنته
كريستينا من خلف ظهره وهي تغمغم WE ARE THE WORLD