لعب عيال

أجرى فى الشارع الضيق .. تهتز ضفائرى .. اسابق البنات وأسبقهن .. حين ترانى أمى العب مع "محمد" ابن عمى وصبيان القرية تحت شجرة الصفصاف تنادينى "حاضر .. الدور علىَّ .. والنبى تستنى شوية يامه" تخرج بجلبابها المزركش تشدنى من ضفائرى.. تنهال علىَّ ضرباً فى الدار "مش قلت لك ماتلعبيش مع الولاد" أصيح من خلال دموعى " حاضر يامه .. عارفة كلامك وحفظاه .. الولاد ديابه ممكن ينهشونى .. إوعى حد يقوللى كلمتين حلوين ويضحك علىَّ .. أما واحد يكلمنى أكشر فى خلقته "يتعالى صراخى . ينقذنى ابن عمى "سامحيها والنبى يامرت عمى " أنسل بصعوبة من بين يديها .. يكفكف دمعى .. تبدأ العراك معه لتدخله.

أنزوى بجوار البنات صامتة ودموعى تبلل أكمامى .. يسألنى الصبيان "مش حتلعبى ؟ " لأ "تنسحب البنات .. يلملم الأولاد الكرة والأحجار من عرض الطريق . يصيح أخبثهم "إحنا لينا بيضة عنديهم " يقاطعه ابن عمى "يبقى لنا ياخى" بنت خالى تخرج للأول لسانها . نتراشق بالألفاظ "خضرا ياملوخية" "يابرعى"ياحاج ولد" "يابنوته " .

المعركه أصبحت وشيكة .. نعلم نتيجتها مقدماً .. نأخذ نحن البنات ذيول جلاليبنا- الطويله الفضفاضة - فى أسناننا ونسابق الريح والأولاد يعدون خلفنا

ابن عمى ينادينى .. أدخل دارهم .. تفصلها عن دارنا طرقة صغيرة وباب مفتوح لا يغلق .
"دورى معايا على مغامرة ( رجل المستحيل ) ضاعت منى" أبحث معه تحت الكنب والكراسى وفوق المنضدة الوحيدة بالحجرة .. وراء الكنبة المتوارية بعيداً يمسك بذقنى .. يقترب بوجهه .. لأول مرة ألحظ زغب يعلو شفتيه .. يقبلنى فى شفتىَّ قبلة خاطفة .. يعترينى الذهول ."إنتِ طيبة قوى يابت عمى " صوته يزداد خشونة .. أبحث فى ركن آخر عن مغامرته المختفية . يدنو منى .. يده تبعد ضفيرتى .. شفتاه تلثمان خدى .. أنسل من أمامه مرتبكة لدارنا .. دقات قلبى تسبقنى .. يراودنى إحساس أن الجميع يسمعها ويعرف ما جرى .. أنام تصحبنى أحلامى .

( قطط كثيرة تتشاجر .. يفوز أحدهم .. تنسحب القطط المهزومة .. يقترب الفائز منى .. أرتعد . يغرقنى بمعسول الكلام .. يداعبنى بموائه .. أضحك .. يتدحرج على الأرض .. يقف على قدميه الخلفيتين ويموء .. تزداد ضحكاتى .. شاربه يصبح كثاً بلون ليلى .. يختفى ذيله .. تتبدل ملامح وجهه .. أرى فيه "محمد" بملامحه الحلوة .. تبرز أنيابه .. أستيقظ فزعة ).

فى الصباح والدتى وشقيقاتى مجتمعات .. وجوههن تنذرنى أن هناك شئ ما "ما تلعبيش مع "محمد " ابن عمك تانى " أتساءل فى وجوم " ليه يامه ؟ ! "ترى هل رأنى أحدهم أمس ؟ لم تك لتكلمنى هكذا .. يدها كانت تكلمت "إمبارح باس أختك الكبيرة .. قليل أدب .. دى كد أمه !" قدماى لا تكاد تحملنى .. أختى تكبره بعام .. دار عليها خراط البنات .. استدارت وظهرت عليها ملامح الانوثة تبدو تسبقه بأعوام .. بينما - أنا - أصغره باعوام ثلاث . أحتضن براءتى وأتكور .. ألقى ولد الكوتشينة من حجرى وأبكى .. تقوم أمى لتفتح الباب حين تطرق زوجة عمى.

أجلس لأذاكر دروسى .. يطلب أخى الاصغر كوباً من الماء يبتلع به ضحكاته وهو يشاهد المسرحية فى التلفاز . بغضب أصيح "مش شايفنى بأذاكر؟! "ينهرنى أبى " قومى هاتى المية لأخوكى -أمال إحنا خلفناكم ليه؟ "تكمل أمى" البت ما تقولش غير حاضر .. ونعم".
أهم بقراءة الجرائد لأبى يخطفها أخى الكبير .. لا يستطيع قراءتها دون عشرات الأخطاء يلفظها . أقرأها بتمكن .. يمسك الجريدة بغيظ .. يضعها على السرير ... يتحدانى أن أقترب منها .. عندما أمد يدى لأخذها تنهرنى امى "إسمعى كلام أخوكى " يتابع أبى " البت ماتقولش غير حاضر .. ونعم " ألملم اعتراضى فى فمى وأصمت . أصحو من نومى .. أتلوى .. ألام بمعدتى .. أظل متيقظة للفجر .
فى الصباح .. أهرول .. أسحب أولاد الكوتشينة منها .. أخفيهم فى مكان لا يصل إليه أحد .. بعدما يعييهم البحث يضعون أربع ورقات للجوكر بدلاً منهم .. نلعب بدون أولاد أفضل ؟