نصوص للشاعر ممدوح رزق

وحيدان
وصلاة على روحك لن تعترف بشيء

وحيدان

الأنف الكبير
الشفتان الغليظتان
خفة الشعر التي تنتهي بالصلع
ضيق الصدر
 

ليست كل هذه الأشياء فحسب
ورثت عنك أيضا
عادة أن أرفع يدي بالسلام لعابرين
لا تربطني صلة قوية بهم
وربما لا أعرف أسماءهم
فيردون التحية باستغراب أو سخرية
أو يتجاهلونني
بالضبط مثلما كان يحدث معك
 

ربما سأرث عنك أيضا
فقدان الذاكرة في نهاية الأمر
ودموع صامتة
لعينين تحدقان في الفراغ
حينما أموت

وصلاة على روحك لن تعترف بشيء

إمرأة تروح وتجيء بين الردهة والمطبخ وحجرات النوم
حافية أحيانا
برداء المنزل أحيانا
وبقميص النوم أحيانا
هل هذا منزلها ؟

ثقتها في رحمة الله الواسعة تقنعها أن ذلك الرجل الممدد فوق الفراش يدخن سيجارة ويشاهد التليفزيون يمكنه أن يتحول ذات يوم إلى طين صلصالي من الممكن أن يتشكل بقدرة قادر على هيئة شخص لا يتعلل بالصداع حينما تريد أن تتكلم معه ولا يأمرها بالصمت عندما تريد أن تحك له عن ما يضايقها ويضحك معها في آخر الليل ويحتضنها بقوة أثناء النوم ويمتلك حيوانات منوية غير مشوهة تجعلها أما .

لم تتبادل الأحاديث الطويلة والضحكات مع شباب الجامعة
ولم تطلب أرقاما عشوائية في الليل باحثة عن صوت رجل تصف له ملابسها الداخلية
إرتدت أزياء واسعة لتمنع العيون من التعرف على حجم ثدييها وأردافها

وتصلي
وتصوم
وتخرج نقودا لله
وتقرأ القرآن
وتسبح
وتدعو
وتتلو الشهادتين وهي تغتسل من الدورة الشهرية

والرجل الوحيد الذي ذهبت معه عدة مرات سرا إلى بيت ما ليمارسا جنسا ناقصا أصبح زوجها
ماذا إذن ؟!
إستمرار التنفس بطريقة آلية حماية من الكفر بالقدر الجميل القادم .

هل الألم مبررا للتساؤل عن جدوى الحياة بلا هدف لا يتولى الآخرون خيانته ولا يجعلنا نتحسر على نوايانا الحسنة تلك التي ستحمل نعوشنا بطيبة وتودعنا لتبحث عن بشر كان عليهم أن ينسوا أن الله خلق الشيطان ويتذكروا فقط أننا فاسدون بلا سبب ؟!


إمرأة لم يكن لجلوسها الدائم في الشرفة علاقة بمحاولة التعرف على الأنا المثالية وعلاقتها بميتافيزيقا الوحدة
لم تقرأ تعاليم ( كريشنا مورتي ) أو تحاول إدراك الفرق بين الذات والموضوع

كل ماتعرفه أن أبيها الذي مات فجأة بنزيف دموي في عمر مبكر كان سببا لأن تحلم بموتى صادقين في نبؤاتهم عن الأحياء وأنها تتعب كثيرا كي لاتبكي قبل النوم حتى لا تتألم قرينتها وترسل لها كلابا سوداء تشاركها فراشها وثعابين يطاردونها في الشوارع أو تفتح من أجلها حفرة عميقة لتسقط بداخلها .

الرجل الذي ينام بجوارك علاقته بالله ليست ناقصة بحيث تحتاجين لمراقبة أنفاسه وهو نائم . كما أن أمك وإخوتك بشر عاديون لا يحتاجون لخوفك من رنين الهاتف بعد منتصف الليل ليظلوا على قيد الحياة .

الأرجوحة التي لم تصعد بك لأعلى
النجمة التي لم تلمسها أصابعك
العشب الذي لم تستلق فوقه لتراقبي السماء والطيور

أشياء كان يجب أن تتذكريها وأنت تغلقين باب المنزل بأكثر من مزلاج حديدي آخر الليل حماية لكنز قديم من المحبة كان كيس بلاستيكي من خطابات متآكلة الحواف كافيا لتصدقي أنه موجود .

( تصبح على خير يا حبيبي )
.. قبلة
(تصبح على خير يا حبيبي )
.. قبلة
( تصبح على خير يا حبيبي )
.. قبلة

كم من الليالي يحتاجها الخوف ليصبح أكثر إحتراما لضيق التنفس وهروب الدم من الأطراف وليصدق أن الطفلة ذات الثمانية وعشرين عاما لم يكن بخاطرها أن تشعر بالضجر والشك أحيانا في جدوى العاطفة التي لم تجعلها تتخلص من عادة الشرود في السنوات التي تمر .. فقط .. تمر .

الطفلة لا تشك أبدا في جدوى العاطفة .. ببساطة يمكنك أن تحتضنها بين ذراعيك في أي وقت بينما تثبت أمام عينيك صورتها وهي تقضم قطعة الشيكولاته ببطء .

السابقون في الأمر معنا .. يحدثوننا بكثرة عن الأشياء التي حدثت وتحدث وستحدث .. ببساطة غريبة وبارتباك أقل من اللازم .. كأن الخبرة يلزمها ملائكة لا تأبى السجود وتؤدي دورها الجاد في نفي صفة الأسطورية عن الحكايات المتعاقبة ..

السابقون في الأمر معنا .. لا يمكنهم الإعتراف بدهشتهم علنا فيخسروا إيمانهم بأن القسوة كانت واضحة ويمكن التفاوض معها ويحرمون أنفسهم من رفاهية التطلع لوجوهنا المتشققة بثبات قبل أن يغادرونا بألم لا يخصنا بقدر ما يخص إدراكهم المبهم أن هناك شيء حقيقي بالفعل إسمه الموت .

زيادة ضغط أسنانك على شفتي
رفع حاجبك لأعلى
مممممممممممممممممممممم

أمور لا تعني أكثر من أن عضوي يؤدي دورا متكررا بالضبط مثلما ستحاولين إحتضان كفي بعد أن أنهض من فوقك وبالضبط مثلما سأتعلل بإشعال سيجارة لأبقي على كفي بعيدا .. لا أريد أن أترك مزيدا مني لديك .. ما الذي أخذتيه ؟! .. ما الذي أخذته منك ؟! .. من الذي أخذ ؟! .

الشيطان لا يسكن إبهامك .. لماذا تقرضينه بأسنانك إذن ؟ ..

بعد موتك لن ينتزع أحد هذا الإبهام ليضعه بحرص في صندوق زجاجي ويتذكر دائما حكاية البنت التي لم تعثر على الوحش فأعطت إحتمالا مضطرا لهدوئها بأن القضم المحموم لجلد إظفرها سيجعلها تتوصل لقدرة إستثنائية على الفهم .. أي فهم ..

إبهامك سيكون كوميديا ونبيلا لو إحتفظ به أحد .. أي أحد ظن أنه لو تأمله سيتمكن من التفكير في الله بشكل أفضل .

العالم كريم معك حتى الآن .. لم يصيبك بأكثر من إرتجاع لأحماض المعدة ومرارة في الفم وآلالام متقطعة في الظهر والكتف .. لذا .. يستحق منك أنواعا مختلفة من المكياج والعطور وحسرة على تجاوزك للعشرين من العمر وإحتفاظك طوال الوقت بعلبة ( أوفرتيل ) داخل حقيبة يدك تحسبا لإنخفاض ضغط مفاجيء .

أنت مثلا لست تلك المرأة التي تجلس بجلباب ممزق في البرد القارص أسفل الكوبري الذي تمرين عليه وتشاهدينها تضع حلمة ثديها في فم رضيع لا يستره إلا قطعة قماشية مهترئة .. العالم كريم معك فهو لم يستبدل حياة كلا منكما بالأخرى فيجعل هذه المرأة تخرج من حقيبتها نقودا وتعطيها لك بدموع محتبسة في حلقها قبل أن تعود للبيت والفراش ذو الأغطية الثقيلة وتحمد الله على نعمته التي أعطاها لها ولم يعطها إليك .



تدخلين البيت
وتجدين مفاجأة
ثمة رجل أطفأ أضواء المنزل كلها
وأوقد شموعا
وأدار موسيقى ناعمة
ووقف أمامك مبتسما
سيمد يده
ليتناول كفك برقة
ويضمك إليه

وبالوخزات الحانية للنغمات
ترقصان
طويلا
طويلا

بقبلات
وإبتسامات
و ........

تدخلين البيت
وتجدين نفس البيت
ثمة رجل يجلس أمام شاشة الكومبيوتر

يضع إسمه في محركات البحث ليحصر جميع النصوص التي قام بنشرها والتي حاول من خلالها أن يتساءل عن جدوى الأكذوبة الراقدة في البيت المظلم إلا من أضواء الشموع والموسيقى الناعمة ورجل وامرأة يرقصان طويلا .

تدخلين البيت
وتجدين نفس البيت

الفارغ من حميمية كنت تحلمين بها و كان على النفس الأمارة بالسوء أن تحببها إليك وكان على الموتى أن يكتبوا وصاياهم بها .. الوصايا التي لم يقم بخياناتها الآخرون أبدا .

الله في حاجة لعبادتك
لذا أنت تعيشين هذه الحياة