أم علاء

أم علاء

قصيدة نثرية بقلم منتصر عبد الموجود حسن

مرة أخرى سأنسل خلف القصيدة ، سأجهد لأترك قطعة من روحي مقدار ما يمكنني أن أضرب في العمق . ما أجمل أن تضرب في العمق ، شريطة أن تمتلك يدين : الأولى لمايكل آنجلو و الثانية لقدر جاء بتلك المرأة من الجنوب تصحب : نظرة أخيرة لمشهد يومي ، و فما بأسنان ذهبية و زوجا تاجرا، يعرف طريقه جيدا إلى قبضة رجال مباحث التموين الفاشلين في منعه أن يمتلك بيتا و ولدا و فائضا في الثروة، انقبض له صدرها المؤمن بإله يعرف كيف يأخذ كما يعرف كيف يعطي ، فادخرت روحها بمنأى عن الأحزان تحسبا ليوم ستكون أحزانه أكبر منها ،ذات الأحزان التي ظلت ترسم لقاءها بملابس سوداء ،و دمو ع كثيرة و وجوه غير بارعة في افتعال الأسى كما كانت غير بارعة في إخفاء نظرة طالما أفسدت عليها ضحكتها الذهبية . وكما رتبت للأمر فقط لم تخنها سوى الدموع أضفى غيابها بعدا غامضا على النحيب المتواصل . و لأنه ما من مخلوق يمتلك يدين ، الأولى لمايكل آنجلو و الثانية لقدر جاء بتلك المرأة من الجنوب ؛ لم يكتشف أحد اليد البيضاء للتراجيديا تزورها كل يوم و تشكل من ذكرياتها شموعا ؛ لتنفق الوقت في تمرير مشاعرها على اللهب بحثا عن الدموع الهاربة ،أو تطويعا لأحزان سيكشف اللهب معدنها الطيب تعينها - كصديق حميم - على خيانة الأنسولين و عند نهاية الشمعة الأخيرة تطوف به بيوت معارفها تسألهم العفو راجية - بصدق - لأطفالهم حياة مديدة . ثم ترقد في سكينة لا تعرفها سوى وجوه موتى عاشوا حياة معذبة . سكينة تشعل في النفس وحشة الشعور بالذنب و تدفعني مرات و مرات خلف القصيدة ؛ لأضرب بيدين ما كانت الأولى لمايكل آنجلو و لا الثانية لقدر جاء بتلك المرأة من الجنوب .

**********

* شاعر مصري في الثلاثين من العمر يقيم بالاسكندرية