مؤتمر الإسكندرية للثقافة الرقمية يؤكد على تجسير الرقمورقمي

ميدل ايست اونلاين
الإٍسكندرية ـ اختتم مؤتمر الإسكندرية الأول للثقافة الرقمية أعماله ظهر الخميس 29 أكتوبر/تشرين الأول الجاري بإصدار مجموعة من التوصيات منها ما هو عام ومنها ما هو خاص، وعن التوصيات الخاصة بالثقافة الرقمية، فقد وجه المؤتمر الدعوة إلى كل من الهيئة العامة لقصور الثقافة واتحاد كتاب الإنترنت العرب للتعاون من أجل تبني فكرة عقد مؤتمر للثقافة الرقمية بشكل دوري وعلى مستوى عربي لائق لمواكبة التحديثات المتسارعة في هذا المجال.

كما وجه المؤتمر دعوة للحكومات والهيئات المعنية بتسريع معدل تعريب البرامج الحاسوبية وتفعيل المشاركة الإيجابية والفعالة والتعليم الابتكاري الخاص بالثقافة الرقمية، كما دعا الهيئة العامة لقصور الثقافة إلى الاستعانة بخبرات الباحثين المتخصصين من أجل إعادة صياغة المصطلحات والمفاهيم الخاصة بالثقافة الرقمية في اللغة العربية ونشر نتاج هذا التعاون ورقيا ورقميا.

ووجه المؤتمر الدعوة إلى مكتبة الإسكندرية لتبني مشروع التوثيق الإلكتروني للسرديات في العالم الذي يقوم عليه الباحث شوقي بدر يوسف، وإنشاء محرك بحث لإدارة محتوى هذا المشروع. مع ضرورة تأسيس مركز رقمي بقصر التذوق سيدي جابر يعنى بأنشطة السينما الرقمية والمسرح الرقمي ورقمنة الإبداع الأدبي والفني السكندري بما يفيد الباحثين والجمهور. ودعوة المبدعين والنقاد ودارسي الأدب إلى التناول العلمي الجاد والمبدع للإبداع الرقمي بكل أشكاله بما فيها المدونات، بوصف هذا الإبداع إضافة جيدة أفرزتها التقنيات الرقمية.

كما جاء في توصيات مؤتمر الإسكندرية الأول للثقافة الرقمية دعوة الهيئة العامة لقصور الثقافة إلى إنشاء جائزة مصرية عربية كبرى للإبداع والنقد الرقميين. فضلا عن الدعوة إلى تجسير العلاقة بين الورقي والرقمي من خلال اتفاقيات تعاون مشترك بين اتحاد كتاب الإنترنت العرب والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، مع التوصية بضرورة نشر كتاب أبحاث المؤتمر نشرا عاما ضمن إصدارات الهيئة العامة لقصور الثقافة لتعميم الفائدة، على أن يوزع مع الكتاب قرص مدمج يحتوي على جلسات المؤتمر ومناقشاته المسجلة بالصوت والصورة.

أما عن التوصيات العامة فقد أكد أعضاء المؤتمر على الثوابت الوطنية والقومية المتفق عليها من قبل المثقفين ومن أهمها: الرفض التام لكل صور وأشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهو ما سبق أن أكدته أمانة المؤتمر برفض مشاركة باحثة من إسرائيل. مع دعوة الأنظمة العربية كافة للوقوف صفا واحدا حيال القضايا المهددة لأمتنا العربية، والعمل على حل هذه القضايا خاصة ما يتعلق بفلسطين والعراق والسودان واليمن، مع الاستفادة من التقنيات الحديثة في نشر وجهة النظر العربية.

ريادة سكندرية

وكان مؤتمر الإسكندرية الأول للثقافة الرقمية قد افتتح بقصر التذوق سيدي جابر صباح الثلاثاء 27 أكتوبر/تشرين الأول الجاري برئاسة الشاعر أحمد فضل شبلول، وتحت رعاية الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة.

وقدم الدكتور هيثم الحاج علي سكرتير المؤتمر الشكر لهيئة قصور الثقافة على تبنيها لهذا المؤتمر موضحاً أن توقيت المؤتمر وتناوله لموضوع الثقافة الرقمية جاء فى وقته تماماً من أجل مواكبة الثورة الرقمية ولنكون منتجين لها وليس مستهلكين كما حدث مع الثورة الصناعية.

وأكد الكاتب منير عتيبة أمين عام المؤتمر أن هذا المؤتمر يأتى استمرارا لريادة الإسكندرية فى مجال الثقافة الرقمية؛ فمنها خرجت مجلة "أمواج" أول مجلة ثقافية مصرية على الإنترنت فى أكتوبر/تشرين الأول 1999 وخرج منها كتاب "أدباء الإنترنت... أدباء المستقبل" لأحمد فضل شبلول مبشرا بالعصر الرقمى للأدب والثقافة. كما خرج من الإسكندرية أكبر موقع للمخطوطات العربية للدكتور يوسف زيدان.

وأشاد عتيبة فى كلمته بالكم الهائل من الأبحاث وأوراق العمل التى استقبلتها أمانة المؤتمر من الباحثين العرب والمصريين للمشاركة في أعمال المؤتمر وكذا طلبات المشاركة العديدة فهذا يدل على الفهم الواعى لما يحدث في العالم من طفرات رقمية ويدفعنا ويحفزنا للعمل الدءوب لاستعادة دورنا العربى كأمة فاعلة.

وأضاف الشاعر أحمد فضل شبلول رئيس المؤتمر أن هذا المؤتمر هو أمنية لطالما داعبت خيالنا في الإسكندرية أن نناقش مستقبل الأدب والثقافة في ظل الثورة أو الطفرة الإليكترونية التي يشهدها العالم. وها قد تحققت الأمنية وعقد المؤتمر بل وأصبح الواقع الافتراضي أو التفاعلي على شبكة الإنترنت مسرحا للعديد من التجمعات البشرية بالعديد من المواقع كالفيس بوك وماى سبيس وتويتر وغيرها مما جاء بثقافة مغايرة ومفردات لغوية جديدة على معاجمنا العربية، كما تأتى الاحصائيات في مصر لتقول إن عدد مستخدمي الإنترنت في مصر حوالي 13 مليون مستخدم متسقه مع انتشار الحواسب المحمولة فأصبح من الطبيعي والمألوف أن نرى في شوراعنا كثيرا من الشباب يحملون أجهزة الكمبيوتر المحمولة متجهين إلى جامعاتهم ومدارسهم وأعمالهم ناهيك عن التطور الهائل في التليفونات المحمولة وانتشار مقاهي الإنترنت؛ هذه الوسائل الشخصية أفرزت جيلا جديدا ولغة جديدة يمكن أن نطلق عليها الثقافة الرقمية.

أما المخرج المسرحى جمال ياقوت مدير قصر التذوق سيدي جابر فقال في كلمته إن التوجه إلى العصر الرقمي ليس من قبيل مسايرة الموضة أو تجميل السلوك الإنساني، لكنه في الأساس محاولة لتحقيق أكبر قدر من الدقة والجودة والسرعة في مخاطبة الكم الهائل من البشر المحيط بنا وكذلك توثيق السلوك البشري. حيث أصبحت الأمية الرقمية من أخطر أنواع الأمراض التي يمكن أن تصيب الأمم والأفراد.

وأعلن ياقوت أن قصر التذوق بصدد إنشاء الموقع الإلكتروني الخاص به ليكون هناك قصر آخر في الفضاء الرقمي يعلن عن فعاليات القصر الواقعي، مما يعد إضافة وبعدا جديدا للقصر ورواد الثقافة بالإسكندرية.

إشكاليات زيدان الأربعة

في أولى جلسات المؤتمر والتي عقدت تحت عنوان "الثقافة الرقمية: مفاهيم تأسيسية"؛ قال الدكتور جمال التلاوي مدير الجلسة إن لكل منجز جديد مقاومة وكذلك الحال بالنسبة للثورة الرقمية الآن، وهذه المقاومة هي طبيعية وحدثت من قبل عند قيام الثورة الصناعية ولطالما حدثت هذه المقاومة لكل جديد على مر التاريخ.

ثم تحدث الدكتور يوسف زيدان عن إشكاليات الثقافة الرقمية فقال إن الإنسان لم يتعرف بشكل كامل على الكون والطبيعة لا لغة لها وإنما هي تتحدث بالصور والإشارات وأصوات شديدة الخصوصية، أما اللغة فهي للإنسان وجعلت منه معادلا للكون كله؛ إذن فالإنسان سيد للكون باللغة، حتى جاءت حركة ما بعد الحداثة وصدم العالم بآراء نيتشه، ثم ظهر الكمبيوتر الذي حول اللغة إلى رمز وعاد باللغة إلى المنطق الرياضي وأصبح الواحد والصفر هما البنية الأساسية لعصر الثقافة الرقمية.

وأضاف زيدان أن ثقافتنا العربية لها مشاكل أخرى مع الإنترنت؛ فاللغة العربية عميقة وممتدة وضاربة في العمق ولكنها في النهاية ثقافة كلمة؛ فالعرب لهم عناية كبرى باللغة فكان الشاعر هو الناطق بلسان الجماعة. أما الثقافة الحالية فهي ثقافة صورة تطيح باللغة وتضع الصورة في المقدمة وتحدث على مستوى الترميز طفرة فيصبح أداة بالغة السرعة والرهافة فتتجاوز اللغة وهذه هي الاشكالية الأولى.

وانتقل بعد ذلك إلى الإشكالية الثانية، وهي أن الثقافة الرقمية سريعة ومتجددة بينما اللغة العربية ثقافتها سلفية، فنحن أمة السند تهتم بالأصول، أما العالم الرقمي فهو استشرافي بطبعه.

والإشكالية الثالثة هي ضعف الاستجابة؛ فاللغة العربية والثقافة العربية مشتتة في العالم الحالي لعدة أسباب ليس مجالها الآن، ولكن مستوى الاستجابة جاء فوقي أي من الحكومة، وكان لا بد من تهيئة الأجواء والوجدان لاستقبال العصر الرقمي.

والإشكالية الرابعة هي التعامل الساذج، أي البساطة في التعاطى مع هذه الثورة، فالدولة وفرت أجهزة كمبيوتر بالمدارس دون جدوى حقيقية؛ فالتعامل الحكومي ليس رشيدا بما يكفي حتى الآن، فالقضية فلسفية وتوفير الأدوات فقط ليس هو الحل.

ثم انتقل الحوار إلى المتحدث الثاني في هذه الجلسة الأولى، وهو الباحث أحمد عزت سليم، حول الثقافة الرقمية في إطار التغيرات الاجتماعية والقيم الإنسانية بهدف رسم ووصف العلاقة بين الثقافة الرقمية والقيم الإنسانية وخاصة في المجتمع العربي قائلا إن هناك العديد من الحقائق التي تؤثر في هذه المنظومة كالغزو الأميركي والغربي ومحاولة فرض ثقافة عالمية، وهو ما لم يحدث كليا حتى الآن فلا توجد ثقافة واحدة تجمع العالم في يوم وليلة، وأيضا الأزمة المالية العالمية وما نتج عنها من خراب وغيرها من الحقائق.

وأكد على أنه لا يمكن تحميل الثقافة الرقمية كل آثام العالم وكل المضار التي أفرزتها شبكة الإنترنت، ولا يمكن تحميلها ما أصاب القيم من وهن ولا بد لنا من الاعتراف والتأكيد على أن القوة الحقيقية للعقل البشري في مواجهة الآلة الذكية هي في القدرة على الإبداع الدائم والقدرة على التصرف الإنساني.

في عصر تكنولوجيا المعلومات المتسارعة ومظاهر إعادة تشكيل العالم مرة أخرى بشكل سريع وفعال؛ وانهيار حدود الزمان والمكان بفضل تكنولوجيا المعلومات المتسارعة في نموها، والتي أخذت البشرية في مغامرة معرفية غير مسبوقة في التاريخ، وغير محددة الأفق، في هذا العصر تأخذ شهادات الأشخاص الذين عملوا بجد للإضافة للعالم الرقمي العربي شكلا مهما وهو ما حرص عليها مؤتمر الإسكندرية الاول للثقافة الرقمية على تقديمه لنشر هذه الشهادات وإعطاء المثل والقدوة للجيل الجديد.

جدلية الإبداع الرقمورقي

في الجلسة الثانية التي حملت عنوان "جدلية الإبداع الرقمورقي" وأدارها حسام عبدالقادر تحدث د. مصطفى الضبع عن استراتيجية الواقع في المدونات العربية، مشيرا إلى التناص مع الواقع، ومتوقفا عند الوظائف الدلالية للمدونة من ناحية توسيع حدود الواقع، وتوسيع مفهوم الرؤية النقدية، كما أوضح مشكلات اللغة في تلك المدونات.

أما عن جدلية الصحافة الإلكترونية والورقية فهو ما توقف عنده الباحث جمال غيطاس رئيس تحرير مجلة "لغة العصر" التي تصدرها مؤسسة الأهرام، متسائلا هل ستموت الصحافة الورقية وتندثر أمام الصحافة الإلكترونية؟ مقدما عرضا بصريا مبهرا لتلك الجدلية، متحدثا عن واقع الصحافة الإلكترونية ومفهوم التمكين ومفهوم الشخصنة ومزايا الصحافة الإلكترونية. كما تحدث غيطاس عن نموذج كرستيان ساينس مونيتور.

تجربة اتحاد كتاب الإنترنت العرب

وقدم المؤتمر في ختام يومه الأول شهادتين هامتين في هذا المجال الأولى لمفلح العدوان (الأردن) وهو رئيس اتحاد كتاب الإنترنت العرب وأحد مؤسسيه والذي تم إعلان تأسيسه في 20 مارس 2005 من هيئة تأسيسية ضمت أسماء 14 كاتبا وإعلاميا من مختلف الدول العربية.

وشرح العدوان أهم أهداف الاتحاد وهي الاهتمام بنشر الوعي بالثقافة الرقمية في أوساط المثقفين والكتاب والإعلاميين العرب، وكذلك نشر الوعي بالثقافة الرقمية بين أوساط الشعب العربي، والسعي لتحقيق قفزات نوعية في وعي الشعب العربي عموما للالتحاق بركب الثورة الرقمية التي تجتاح العالم، والمساهمة الفعالة في نشر الثقافة والإبداع الأدبي العربي، من خلال استخدام وسائل العصر الرقمي بما فيها شبكة الإنترنت، وتوحيد الجهود الفردية للمثقفين العرب عموما وأعضاء الاتحاد خصوصا لنشر وترسيخ مفهوم الثقافة الإلكترونية، والدخول بقوة فاعلة ومؤثرة عالميا للعصر الرقمي، ورعاية المبدعين والموهوبين العرب، وتنمية قدراتهم والعمل على إبرازها ونشرها رقميا، والسعي الحثيث لإدخال الثقافة والإبداع العربي بأصنافه كافة، ضمن سيل المعلومات المتدفق السريع، أيضا ترسيخ مفهوم أدب الواقعية الرقمية، بصفته الأكثر قدرة على الاتساق مع روح العصر، وإنشاء دار نشر إلكترونية تسهم في نشر الإبداع الأدبي العربي بكافة أشكاله، ثم التواصل الفعَّال والمؤثر مع سيل المعلومات المتدفق من خلال التواصل مع المثقفين من أرجاء العالم كافة، وإنشاء صيغ للتبادل الثقافي معهم.

كما ذكر العدوان كم المشاكل الهائلة التي قابلت مؤسسي الاتحاد في سبيل إشهاره والمشاكل القانونية المتعددة التي قابلها في مختلف الأقطار العربية نتيجة لعدم وجود قوانين خاصة تنظم مثل هذه المسائل.

وقام الاتحاد بالعديد من الأنشطة بعد أن تم إشهاره رسميا في الأردن، وتم تأسيس وإطلاق موقع إلكتروني ضخم باسم الاتحاد على الرابط:www.arab-ewriters.com كذلك تأسيس نواة دار نشر إلكترونية عربية كبرى في موقع الاتحاد، وقامت هذه الدار بنشر عدد كبير من الكتب والدراسات الأدبية والنقدية المتخصصة في موضوع الثقافة الرقمية وتجلياتها المختلفة وغيرها من الانشطة المختلفة.

وعن آفاق تطوير الاتحاد قال العدوان إنه يطمح إلى العمل على إيجاد مكتبة إلكترونية عربية شاملة تحتوي على الإنتاج الثقافي العربي ونشره إلكترونيا.

توثيق السرد رقميا

أما الشهادة الثانية فكانت للناقد شوقى بدر يوسف الذي قدم ثمرة جهده طوال أعوام في توثيق السرد في مجال الثقافة الرقمية، حيث شعر أن التطورات التقنية من حيث الحجم والانتشار واستخدام شبكة الإنترنت على نطاق واسع في شتى المجالات وحدوث الثورة الرقمية والانفجار المعلوماتي والمعرفي في العالم بأسره، كان لا بد أن يؤدى إلى تقارب كبير في شتى المجالات.

ويقول يوسف إنه في مجال الأدب، وهي النقطة المهمة في موضوعنا، أدت الثورة الرقمية إلى نشاط بالغ، واستفاد الكتّاب والقراء والصحافة، حتى أصبحت هذه الوسائل التي أتيحت للصحافة على وجه الخصوص بفضل المراجع المبثوثة على شبكة الإنترنت في كافة مجالات الثقافة والمعلومات لها مصداقيتها ومراجعها الصحيحة والسليمة في هذا المجال. والأدب يعتبر مادة رئيسة في الصحافة المتخصصة وغير المتخصصة.

ويضيف: لهذه الأسباب حاولت التوثيق لنقطة صغيرة في مجال الإبداع، وهي مجال السرد. وهو مجال يتكّون من القصة القصيرة والرواية والسيرة الذاتية والنقد المصاحب لهم، علاوة على انسحاب هذا المصطلح إلى نسيج بعض الكتابات الأخرى كالرسائل والكتب التراثية وغيرها من أنواع الكتابات المختلفة.

مضيفاً أنه قام بعمل مسح للدوريات المتاحة التي اختفت والتي لا زالت موجودة على الساحة حتى الآن وتصوير المادة السردية الموجودة فيها، كما تم رصد ما هو متاح حول هذا الموضوع على شبكة الإنترنت، كما تم حصر المبدعين في كل بلد حصراً نوعيا وعمل ملفات لكل منهم ورصد عالم كل مبدع من خلال إبداعه السردي، ومتون أعماله والدراسات التي كتبت عنه والحوارات التي أجريت معه، وتعكس سمات إبداعه، والشهادات التي رصدها عن عالمه والأخبار التي تناولت أعماله السردية بحيث أصبح لكل كاتب في مجال السرديات ملف يحوي عالمه الإبداعي الخاص يستطيع أي باحث أو دارس لهذا المبدع أن يقرأه على شاشة الحاسوب وأن يتناوله بالبحث والتحليل والدراسة.

كما تضمن الملف أيضا صورا للكاتب وصور أغلفه كتبه وفهارسها وصور أغلفة الكتب التي تناولت عالمه. كما تضمن الملف أيضا ببليوجرافيا عن الكاتب وبيوجرافيك عن أهم المحطات في حياته، كما تناول الحصر أيضا قضايا السرد المختلفة مثل الرواية والقصة القصيرة والسيرة الذاتية والنقد كدراسات عامة وتنظيرية وقضايا أخرى مرتبطة بهذا المجال مثل أدب الأطفال وأدب الخيال العلمي والاستشراق وعلاقة الكاتب بالسلطة والصحافة الأدبية وأدب المقاومة وأدب الحرب وغير ذلك من القضايا المعنية بالسرديات.

هل انتهى عصر المكتبات؟

هذا السؤال فجره الدكتور خالد عزب مدير الإعلام بمكتبة الإسكندرية في افتتاح الجلسة الثالثة باليوم الثاني بمؤتمر الإسكندرية الأول للثقافة الرقمية، والتي أدارها الدكتور زين عبدالهادى حيث أشار عزب إلى شكل دور النشر العربية في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، واتضح للجميع أن العرب كانوا خارج المنافسة فكانت معظم الكتب الأوروبية والأميركية المعروضة كتبا إليكترونية سهلة التحميل والعرض، أما دور النشر العربية فمازلت تعتمد على الكتب الورقية، وقد انتبهت مكتبة الإسكندرية لهذا، فكان من أهم أهدافها التحول لإدارة المحتوى المعرفي لمصر وهو ما سيحدث على المستوى البعيد لأن هناك فرقا بين أن تكون مكتبة الإسكندرية مكتبة تقليدية لأن هذا هو دور دار الكتب الوطنية المصرية، فهي تمتلك 30 مليون كتاب وآلاف المخطوطات التي لا تقدر بثمن وبالتالي كان منهجنا مختلفا وأن ننتقل للمنافسة في ساحة أخرى.

وأضاف عزب أننا إذا قارنا بين المكتبات التقليدية والرقمية ففي حالة الكتب المطبوعة فلا مجال للتعديل، أما الرقمي فهو سهل التعديل حينما تريد دون أية قيود أو خسائر كما أن الكتب المطبوعة تعاني من المحدودية في استخدام الأدوات التي قد تساعد على الشرح كالفيديو وغيره، عكس الكتاب التفاعلي وهو الفرق الحقيقي بين المكتبات الورقية والتفاعليه فمجرد ترتيب الكتب تجعل الشخص خازنا للكتب أما المكتبات التفاعليه فهي تعرض ملايين الكتب وتعرضها للعالم.

ولعل إشكالية الهوية هي اشكالية عالمية وقد أخذت أوروبا الهجوم على جوجل لأنها تلغي الثقافة الأوروبية لصالح الثقافة الأميركية والبريطانية، وصدرت كتب بهذا المعنى في أوروبا، وهناك الآن دعوات وصرف سخي لتقديم باحث يقدم الثقافة الأوروبية، وزاد الطين بله حينما أعلنت جوجل عن إنشاء مكتبتها الإلكترونية حيث أن 30% من قوة النشر والمعرفة تخرج من الولايات المتحدة التي اتحدت مع جوجل.

فما الحل إذا؟ يقول خالد عزب إن الحل هو أن يكون لديك مشروعات توازي هذا وأن تشارك الآخر في معلوماته، ولذلك تشارك مكتبة الإسكندرية في مشروعات مع العديد من الدول لتكوين محتوى رقمي عربي موجود منه الآن 100 ألف كتاب ستصل إلى 200 ألف كتاب مطروح مجانا دون أدنى قيود.

كما أشار د. عزب إلى أن ما يحدث في الخليج والإمارات على وجه الخصوص هو جزء من تدمير الثقافة العربية المعاصرة، فمجرد استقطاب أو عمل نسخة لمتحف اللوفر ليس معناه أنها دولة عالمية بل هو تهريج ثقافي.

الهوية الرقمية والكتاب السحري

أما الدكتورة عبير سلامة فقد أكدت أن الإنترنت أعطى للكثيرين الحرية في تشكيل هويتهم الرقمية وهو ما يظهر فى الشبكات الاجتماعية كالفيس بوك والماى سبيس. وهو ما يطرح ضرورة تعريف مفهوم الهوية الآن بشكل يتناسب مع متغيرات العصر.

وركزت د. عبير في بحثها الذي ألقته بعنوان "اعرف نفسك رقمياً" على الهوية الرقمية ودورها في توسعة الوعي بمحيط الذات فما كان خاصاً على أرض الواقع لم يصبح كذلك عبر وصلات الواقع الافتراضي فهي متاحه للجميع منذ أن توضع هويتك على الإنترنت.

ثم تحدث العميد المهندس عبدالحميد بسيوني في بحثه عن "الواقع الافتراضي والكتاب السحري" فقال إن المعلومات غير المتاحه على شبكة الإنترنت أو ما يطلق عليه "الإنترنت الخفية" قدمت فكرة جديدة هي البحث الذكى عن البيانات والتنقيب بين الأفكار فهناك الكثير مما لم يستخدم من المعلومات حتى الآن.

وفي عودة لإشكالية الصفر والواحد فجميعنا اعتمد على ذلك والآن اتجه البعض للتفكير في أشياء أخرى كتمثيل المنطق الضبابي لتمثيل البيانات، فمثلا إذا قلنا الجو حار فإن هذه المعلومة ناقصة فهو حار بالنسبة لمن وفي أي منطقة جغرافية، فكيف ادخلها على الكمبيوتر وهو ما اخترعه العالم الإيراني لطفى زادة.

القريدس (الجمبري) له 12 استقطابا ضوئيا، وهو 4 مرات قدرة الإنسان فما بالك إذا تم استخدامه في الدي في دي بما يتيح أكثر من 150 جيجا بايت والحامض النووي أو ما يعرف بالدي إن إيه، يسجل عن طريق أكواد جينية تمثل بشرط وليس صفرا وواحدا، والآن يتم عمل نظم حوسبة خوارزمية تعتمد على الشرائط، وهو ما ينهي هوية الصفر والواحد.

وبالنسبة للثقافة الجوالة، كنوع جديد من أنواع الثقافة عن طريق الموبايل الذي أصبحت قدراته مقاربة للكمبيوتر، وفي عام 2000 أطلق الاتحاد الأوروبي مبادرة التعليم الجوال بسبب رخص الجهاز وتطور التكنولوجيا، كذلك البث المباشر عن طريق الاى بود والاى فون الان يقيس درجة الحرارة والضغط والنبضات للشخص مما يثير تساؤل حول المواطن الشبكي المفتوح على العالم فالهوية هنا هي "أنا" فيجب علينا دراسة هذه الظاهرة. فالواقع الافتراضي ليس شيئا جديدا لأنه نشأ من الحرمان الحسي، كأن أجلسك في غرفة مظلمة فعينك ستتعود على الاضاءة أو أن أمنع عنك الصوت وهو ما نشأ عنه الواقع الافتراضي.

وبتطبيق هذا على الكتاب فنجد البعدين س وص ويصل للبعد الثالث عند التجليد والرابع عند إضافة وصلات والخامس في حالة احتوائه على مجسم والسادس إذا كان تفاعلياً. ما أريد أن أقوله إن التغيير هو السمة الأساسية لتكنولوجيا المعلومات فكل يوم هناك الجديد والحديث.

الإبداع السينمائي والمسرحي رقميا

وكان للإبداع السينمائي والمسرحي الرقمي جولة في مؤتمر الإسكندرية الأول للثقافة الرقمية حيث خصصت الجلسة الرابعة والتي وقعت في اليوم الثاني، عن "الإبداع المسرحي والسينمائي رقمياً" وأدارها الدكتور أبو الحسن سلام.

وبدأ الدكتور محمد حسين حبيب (من جامعة بابل بالعراق) الجلسة مؤكداً أنه ما أن ظهرت الواقعية في الأدب حتى ظهر معارضوها. والمسرح، خاصة، يعمل في مجال التجريب، وهو متاح بطريقة مشروعة، وله أصول وقواعد، ومن خلال الإطلاع على الكثير من الفنون التي استفادت ووظفت الرقمية كالسينما مثلا والشعر التفاعلي أو الرقمية والرواية عالميا وعربيا، استفادت كثيرا على يد الروائي الأردني محمد سناجلة بروايته الرقمية "شات" على شبكة الإنترنت في موقع اتحاد كتاب الإنترنت العرب، محققا بذلك الريادة العربية في هذا المجال والرسم واللوحات الرقمية.

كما أشار حبيب إلى أن "تشارلز ديمر" رائد المسرح التفاعلي الذي ألف عام 1985 أول مسرحية تفاعلية، وأسس مدرسة لتعليم كتابة سيناريو المسرح التفاعلي في موقعه الخاص على الإنترنت عبر تقديمه دورات تعليمية متعددة.

وحاولت د. فاطمة البريكي مؤخرا ترجمة مصطلح المسرحية التفاعلية ( Interactive Drama ) "نمط جديد من الكتابة الأدبية يتجاوز الفهم التقليدي لفعل الإبداع الأدبي الذي يتمحور حول المبدع الواحد إذ يشترك في تقديمه عدة كتاب كما قد يدعى القارىء / المتلقي أيضا للمشاركة فيه وهو مثال العمل الجماعي المنتج الذي يتخطى حدود الفردية وينفتح على آفاق الجماعية الرحبة".

موضحاً أن المسرح الرقمي هو الذي يوظف في استخدامه تقنية الوسائط المتعددة رقمياً فى تأليف أو تشكيل خطابه المسرحي شريطة اكتساب الصفة التفاعلية، كما أن المسرح ورواده لهم العديد من الآراء ما بين مؤيد ومعارض.

ويحكى د. حبيب تجربته قائلاً: فى عام 2006 وعلى "مقهى بغداد" كنت مع الفنان حازم كمال الدين ببلجيكا وأنا ببغداد ومجموعة من الفنانين فى مختلف أنحاء بغداد والموصل وآخرين ببغداد وشاشات وارتجل الممثلون مشاهد تعبر عن أسئلة المشاهدين ومعروضة على موقع بشبكة الإنترنت ولكنها تعرضت للقرصنة فى بدايتها لذلك فلا بد لتكرارها من تقنية عالية وسرعات عالية.

فهل يمكن تخيل العرض المسرحي بكليته عبارة عن دمى تتحرك بتقنية مبرمجة يتحكم بها الجمهور على هواه رقميا؟ ولأجل أن يبقى مثل هذا الشكل المسرحي / الرقمي. لما تزل الأفكار في بيضتها التي خصبتها الرقمية - علما وفنا – التى هيمنت على العالم الإنساني برمته في أولى بدايات الهيمنة الإلكترونية التي ولدت ونسيت كيف تموت.

وعلق مدير الجلسة الدكتور أبوالحسن سلام أستاذ المسرح بكلية الاداب قائلا إن من يقرأ هذا البحث يجد أنه اشتبك مع من تفاعلوا معه فبعض المشاهدين يجدون أن هذه الأطروحة من روح المغامرة وهو المطلوب في الحياة، وآخر يرى أنه حلم درامي صعب التحقق، ويرى أن البقاء للعرض المسرحي الحي، لكن سؤالي هنا هل هو مسرحي تلقيني آلي أم تفاعلي؟ هل هو كليب يعتمد على الإبهار فقط، وهل النص يكون معلباً فهل يكون مقروءا أم قارئا. فأين النص وجاذبيته، هي مناقشات إدراكيه قد تتداخل معها سخافات عديدة. ولكن هذا ليس معناه أنني رافض وإنما هي تجربة إنسانية عظيمة.

أما الفن السابع فكان له جلسة مع الشاعرة والكاتبة حنان شافعي التي استهلت حديثها بالإشارة إلى التردي في حالة السينما وتقلص عدد الأفلام التي تنتجها السينما المصرية، ولعل السينما من أكثر الصناعات التي تأثرت بالتقنيات التكنولوجية، ولعل ظهور أفلام الديجتال في أوائل عام 2000 وظهور جيل من الشباب المهتمين بإخراج أفلام على مستوى عال من الجودة بل وتفوز بجوائز دولية.

وأوضحت شافعي أن تصوير الديجتال يتكلف 5 دولارات، أما التصوير العادي فالساعة تتكلف 5 آلاف دولار، وتدلل على كلامها بقول المصور الكبير سعيد شيمي الذي يقول: ما يمكن أن تحدثه الديجتال في البصريات لا يمكن تصديقه وخلال عقد من الزمن ستنتهى الكاميرا التقليدية من العالم. ولعل سهولة التعديل في الأفلام الديجتال مقارنة بالأفلام التقليدية وكذلك صغر حجمها وهو ما أكده محمد خان صاحب فيلم "كليفتى" الذى صور بالكامل ديجتال قائلا أنا إلى حد ما تأثرت بالقدرة السردية، ولكن عوض ذلك السهولة وصغر حجم الكاميرا.

وضربت شافعى مثالا بالمشاكل التي تعانيها سينما الديجتال وعدم اعتراف البعض بها، بما حدث مع المخرج إبراهيم البطوط وفيلمه "عين شمس" الذي حصل على حوالى 25 جائزة، وبعد أن اضطر لتجنيس الفيلم بجنسية عربية أخرى بعد أن رفضت الرقابة المصرية التصريح له بعرض الفيلم.

ولعل ما يدل على نجاح أفلام الديجتال، هو وجود المهرجات الخاصة بهذه الأفلام وأيضا المهرجانات الدولية التي أصبح بها جوائز خاصة لهذه النوعية من الأفلام.

التدوين والمقاومة

يشغل المدونون وكتابتهم المتنوعة بال كثير من الباحثين، وهو ما التفت إليه مؤتمر الإسكندرية الأول للثقافة الرقمية، فقدم جلسة خاصة لهذا الموضوع في اليوم الثانى للمؤتمر تحت عنوان "الإبداع والتدوين.. تأريخ العصر" أدارها الدكتور هيثم الحاج علي، وتحدث فيها كل من الدكتورة سحر الموجى، والدكتور زين عبدالهادي.

وبدأت الدكتورة سحر الموجى الروائية وأستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة حديثها عن "التدوين والمقاومة" بالتذكير بمفهوم المقاومة الذي ظهر عام 1966 على يد غسان كنفاني في وصفه للأدب الفلسطيني تحت الاحتلال، فالأدب تحت وطأة المحتل لا يقل أهمية عن الكفاح المسلح بل هو يتزامن معه ويقود معركة موازية تهدف إلى حفظ ذاكرة شعب يحاول المحتل محو ذاكرته وتاريخه، واستشهدت الباحثة بما قاله أشكروفت في كتابه "تحولات ما بعد الكولونيالية" إننا لو فكرنا في "المقاومة" كنوع من الدفاع ضد الغازي أو الدخيل لإبعاده فإن أشكال المقاومة الاجتماعية والثقافية المستترة هي الأشكال الأكثر وجودا. ويصل إلى التأكيد أن "الناس العاديون والفنانون والكتاب (الذي من خلالهم تمت صياغة رؤية تحولية) قد أسهموا بالكثير في إطار مقاومة الضغوط الثقافية عليهم."

وبالانتقال إلى التدوين والمدونات تقول د. سحر إن تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء 2008 أكد أن نصف عدد المدونين يشغلون 160 ألف مدونة، هم من الشباب الذي تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاما، هذا الجيل الذى وقع بين مطرقة السياسة التي غابت عنها القيم الأساسية لحقوق الإنسان وسندان المجتمع المحافظ الذي يمارس المصادرة والمحاكمة على التفكير.

والحقيقة هي أن التدوين ليس فقط متنفسا لهؤلاء الشباب، خاصة أنه تمتع بحق إخفاء الهوية، ولكنه يدخل أيضا في إطار المقاومة لأنه يجسد محاولة من جانبهم للدفاع عن هويتهم الوطنية والثقافية. وأتاح إخفاء الهوية حرية واسعة لا يمكن أن يتمتع بها المدون إلا في الحيز الافتراضي للإنترنت فظهرت مدونات مساحة لكسر التابوهات بكافة أشكالها، وفي هذا الانتهاك للتابو محاولة لتعريف الذات من جانب المدون والدفاع عن تلك الهوية التي ولدت بعيدا عن القوى السياسية والاجتماعية، التي من باب المفارقة المحزنة، قد احتلت موقع المستعمر واستعارت سياساته في محو الهوية.

وبالإضافة إلى مساحة الحرية التي أتاحها التدوين وكذلك تدعيم الذات من خلال فعل الكتابة فإن المدونين خلقوا مع بعضهم البعض حالة من المساندة الفكرية والمعنوية لم تكن لتصبح متاحة خارج الحيز الافتراضي للإنترنت فمثلا "دار سوسن للنشر" وهي ليست "دار" للنشر بالمعنى التقليدي ولكنها مكان لتجميع ونشر نصوص إبداعية كاملة (تحول بعضها إلى الطباعة الورقية) كنوع من أنواع الاعتراض على معطيات سوق النشر، وأيضاً تشكيل تكتلات منها الأدبي فنشرت أول مدونة مصرية للجيب وفيها كتابة مجموعة من المدونين بما يعد نوع من أنواع المقاومة الإلكترونية.

وتقول د. سحر إن التدوين في حد ذاته أحد أشكال "المقاومة" التي يمارسها شباب مصري ضد كافة أشكال محو الذات والتهميش بل والمطاردة لكل فكر مختلف.

وبتطبيق نفس المفهوم ذكر مدير الجلسة الدكتور هيثم الحاج علي، أستاذ اللغة العربية والناشط الرقمي، أن أغنية يا بلح زغلول هي مدونة الستينيات وجاليرى 67 هو مدونة فترة معينة من تاريخ الوطن، وكذلك كتابات "الحمامات" هي أيضا مدونات والسؤال هو هل يمكن اعتبار المدونات الأدبية هامش على مركز المشروع الأدبي أم هي مرحلة لهؤلاء الشباب ليصيروا فيما بعد ضمن هذا المركز في النشر الورقي وما هي الفوارق التعبيرية بين المنشور رقميا وورقيا هو ما سوف يهتم به النقد الأدبى في المرحلة القادمة، وهو ما يتماس مع ورقة الدكتور زين عبد الهادى المتحدث الثاني.

وسجل د. زين عبد الهادى اعتراضه على مصطلح الثقافة الرقمية مؤكداً أنه تعبير مضلل وهناك إشكالية كبيرة عليه، فالمقصود هو الثقافة المعلوماتية فنحن مازلنا في مرحلة التحول ونحبو في طفولة عصر المعلومات، متسائلاً هل نحن قادرون على الانتقال لمجتمع المعلومات الشفاف، خاصة أننا في واقعنا نحن نعاني من التهميش والتجهيل ونقص المعلومات، وهل الأدب المعلوماتي أدب يغير في تقنية عرضه أم هو خطاب يحتوى على محتوى معلوماتي.

خدمة عامة
وشارك منتدى الكتاب العربي ومجلة أمواج سكندرية في مؤتمر الإسكندرية الأول للثقافة العربية، حيث قدمت د. أماني أحمد أمين شهادتها وتجربتها مع المنتدى الذي احتفل بعيد ميلاده العاشر في العام الماضي ، فقالت إنها أنشأت منتدى الكتاب العربي كانت في مارس/آذار 1998 إيمانا منها بأن التحدي الأكبر الذي يواجه مصر والأمة العربية يتمثل في المجال الثقافي بمعناه الواسع أي الحضاري، ولذا فكرنا في استغلال الوسائل الحديثة التي تتيحها شبكة الإنترنت من أجل المساهمة في تطوير الثقافة العربية الراقية ونشرها وتشجيع الحوار الموضوعي بين أبناء الوطن.

وأوضحت أمين أن أهداف المنتدى تتمثل في تقديم خدمة عامة للأدباء والمثقفين واستغلال الإمكانات الهائلة لشبكة الإنترنت في فتح نافذة يطل منها العالم على الفكر العربي، والتعريف بمبدعيه ومفكريه، وتحقيق التواصل بين أبناء هذا الوطن في الداخل والخارج.

وذكرت أماني أحمد أمين أن المنتدى يعمل أساسا باللغتين العربية والإنجليزية، كما ينشر بعض المواد المكتوبة باللغة الفرنسية وبعض اللغات الأخرى كالتركية والإيطالية، كما يضم ما يزيد على خمسة عشر ألفا من الأعضاء من كافة أرجاء العالم، من بينهم العرب وذوي الأصول العربية والأجانب المهتمين بالثقافة العربية، ويستقبل الموقع عدد 3291 زائرا جديدا يوميا يتصفحون 10756 ملفا في المتوسط، ويصل إجمالي الزيارات شهريا إلى أكثر من 400 ألف زائر.

وتحدث حسام عبدالقادر عن تجربة مجلة أمواج سكندرية باعتبارها أول مجلة ثقافية إلكترونية تصدر في مصر عام 1999 على يد ثلاثة من المبدعين هم: منير عتيبة ومحمد حنفي وحسام عبدالقادر.

وأوضح عبدالقادر أن من يقرأ أمواج على الإنترنت يجدها مجلة سكندرية في موادها المنشورة للحفاظ على هويتنا ونشر هذه الهوية في كل أنحاء العالم، مع عرض إبداعات الإسكندرية المختلفة.

وأضاف حسام عبدالقادر محرر الموقع أنه استطعنا تقديم صحافة الإنترنت إلى المجتمع المصري، وهو ما قابل مشاكل عديدة لم تكن فقط في طبيعة المواد المقدمة لقارئ الإنترنت والتي تختلف اختلافا كبيرا عما يتم تقديمه في الصحافة الورقية ليس من حيث التناول والعرض فحسب، ولكن أيضا في استيعاب عدد كبير من القراء المعتادين على الصحافة الورقية لوجود مجلة تصدر على الإنترنت فقط، فقد اعتقد البعض أننا ننشر مادة لا يوجد قارئ لها، وأن عدد من يمتلكون جهاز كمبيوتر قليل جدا، إلا أن الإحصاءات وردود فعل قارئ أمواج كانت خير رد عملي على هذا الرأي، حيث يتم الاطلاع على عشرين ألف صفحة من صفحات أمواج شهريا من كل أنحاء العالم، وهو ما يعتبر إنجازا كبيرا لمجلة محلية متخصصة في ثقافة مدينة واحدة.

الحماية الإلكترونية والملكية الفكرية

وفي اليوم الثالث والأخير من أيام مؤتمر الإسكندرية الأول للثقافة الرقمية أدار د. محمد حسين حبيب الجلسة السادسة التي تحدث في المهندس محمد حنفي عن حماية المحتوى الإلكتروني من منظور تقني، وقدم عرضا بصريا مهما. وتعرض بحث حنفي لأهم النظريات التي تستخدم في التقنيات التي تحمي المحتوي الإلكتروني مثل التشفير المتماثل والتشفير غير المتماثل وهو المفتاح العام والمفتاح الخاص، كما تناول البحث أهم التقنيات المستخدمة لحماية مزودي المحتوى الإلكتروني على شبكة الإنترنت في صورها المختلفة (نصوص ـ صور ـ فيديو ـ ..الخ) وبالتالي حماية حقوق المؤلف.

وفي الجلسة نفسها يتحدث د. غالب شنيكات (من الأردن) عن حماية حقوق المؤلف قانونا وتقنيا في البيئة الرقمية والنشر الإلكتروني، موضحا ما هي حقوق الملكية الفكرية، وأقسامها، ولماذا يحظى حق المؤلف بالحماية، وما هو المصنف المحمى قانونا؟ وشروط الحماية القانونية الواجب توافرها في المصنف، والمصنفات المستثناة من الحماية القانونية، ومن هو المؤلف، وحقوقه المعنوية والمادية، وهل سايرت حقوق المؤلف التقدم التكنولوجي، وما هو حق المؤلف في البيئة الإلكترونية، وأطراف العلاقة في نشر حق المؤلف على الإنترنت، متعرضا للصعوبات التي قد تواجه صاحب حق المؤلف والحقوق المجاورة، وأنظمة إدارة حق المؤلف والحقوق المجاورة الإلكترونية، وأخيرا الجوانب الأخلاقية للنسخ الإلكتروني للمصنفات، وأهمية العقود في الحفاظ على حقوق المؤلفين.

ويختم مؤتمر الإسكندرية الأول للثقافة الرقمية جلساته بجلسة شهادات وتجارب تحدث فيها الشاعر بهاء الدين رمضان عن موقعه "غابة الدندنة"، والقاص وسيم المغربي عن تكنولوجيا جديدة تدعم التواصل الإنساني، ويطرح الشربيني المهندس سؤال نهاية المؤتمر: الإبداع الرقمي .. طفرة أم تطور؟

تكريم الرواد والمسئولين

ويقوم المؤتمر بتكريم ثلاثة من رواد الثقافة الرقمية في مصر والأردن: مفلح العدوان، وجمال غيطاس، والسيد نجم، فيتسلمون درع الهيئة العامة لقصور الثقافة وميدالية اتحاد كتاب مصر التي حرص رئيس الاتحاد محمد سلماوي على إهدائها للمكرمين، فيسلمها لهم رئيس المؤتمر أحمد فضل شبلول نيابة عنه، وتكرم الهيئة العامة لقصور الثقافة رئيس المؤتمر، بينما يهدي اتحاد كتاب الإنترنت العرب درعه للدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، ويتسلمها عنه إجلال هاشم رئيس الإدارة المركزية لإقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي في حضور عثمان عزمي مدير عام القصور المتخصصة. بينما يتلقى أعضاء أمانة المؤتمر شهادات التقدير من مدير قصر التذوق سيدي جابر المخرج المسرحي جمال ياقوت.

ويقوم وفد من المشاركين في المؤتمر بزيارة لديوان عام محافظة الإسكندرية ويلتقون باللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية، الذي أحسن استقبالهم في مكتبه وهنأهم على نجاح المؤتمر الذي كان حديث وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفزيون وإنترنت، طوال الأسابيع الماضية، وأهدى مفلح العدوان درع اتحاد كتاب الإنترنت العرب لمحافظ الإسكندرية، بينما أهدى محافظ الإسكندرية درع المحافظة لرئيس اتحاد كتاب الإنترنت العرب، إشارة لتعاون مثمر قادم بين محافظة الإسكندرية والاتحاد.