أنت تفكر اذا انت كافر: أنور محمد

أنت تفكر اذا انت كافر

الكتاب: أنت تفكر إذن أنت كافر تأليف: سلوى اللوباني الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون - بيروت 2009 الصفحات: 133صفحة المصدر: أنور محمد/ جريدة البيان 16 أكتوبر 2010

تؤكد الكاتبة، سلوى اللوباني أنه عند قراءة بعض الكتب والمقالات التي تناولت شخصيات مبدعة اتُّهمت بالكفر، نجد أنَّ معظمهم تميَّز بغزارة إنتاجه الإبداعي، سواء اختلفنا أو اتفقنا مع أفكارهم، فهم نتاج تجربتهم. ولكن يكفيهم بأنهم حاولوا وفكَّروا وبذلوا جهداً للتفسير والتحليل لتقديم إبداعهم، فجميعهم انشغل بالبحث العلمي.

أما ما يثير الاستغراب هو انشغال البعض في تعميم مواقع على الانترنت أو تأليف كتب وتقديم رسائل أكاديمية لتكفير الآخرين. فعلى سبيل المثال لو أخذنا كتاب «الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها» للدكتور سعيد بن ناصر الغامدي.

وهو رسالة مقدَّمة إلى كلية أصول الدين - قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة- في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للحصول على درجة الدكتوراه، فسنرى أنَّ مؤلِّفه قد كفَّر فيه أكثر من مئتي مبدع، بين مفكِّر وكاتب من مختلف الدول العربية، والسؤال الذي يطرح نفسه :ما مدى الاستفادة من كتاب من هذا النوع؟ وماذا أضاف للإنتاج الإنساني وللتقدم والبحث العلمي؟

ثمَّ تورد المؤلفة أسماء عدد من المثقفين والمفكرين الذين تمَّ اتهامهم بالكفر والإلحاد، مثل الكاتب المفكِّر مصطفى محمود، والسيناريست والكاتب الدرامي الراحل أسامة أنور عكاشة الذي قَّدم أحد المحامين بلاغاً ضدَّه يتَّهمه فيه باحتقار الطوائف، كما طالب بتفريقه عن زوجته باعتباره مرتداً عن الإسلام.

ومن الأسماء التي تمَّ تكفيرها أيضاً: د- نوال السعداوي، د- لويس عوض، محمود إسماعيل، تركي الحمد، نزار قباني، غازي القصيبي، فرح أنطون، طه حسين، سيِّد قطب، نصر حامد أبو زيد، رجاء بن سلامة، فرج فودة، نجيب محفوظ، عبد الله خليفة، عبد العزيز المقالح، وآخرهم وليس آخراً الشاعر الأردني إسلام سمحان( 27 عاماً) الذي صدر حكم في يونيو 2009 بسجنه عاماً كاملاً، ودفع غرامة مقدارها 10 عشرة آلاف دينار أردني.

وفي جانب آخر من الكتاب، تطرح اللوباني سؤالا مفاده : هل يلتقي الدين والإبداع؟

مشيرة إلى خصوصية ودقة ذلك في ظل تنامي دور المؤسَّسات الدينية في عملية الرقابة على الأعمال الفكرية والإبداعية. وقد شارك في استطلاعها والإجابة عن سؤالها عدد من الأدباء والمفكرين منهم:

محمود أمين العالم والروائي علاء الأسواني الذي أكد أن الدين والإبداع يلتقيان حسب مفهوم الدين، فمصر والشام والعراق والمغرب كان لديها فهم للدين مستنير جداً، وقد تكوَّن هذا الفهم المستنير في القرن التاسع عشر، لذلك كانت هذه الدول مبدعة وبالتالي لم يكن الفهم الديني في هذه الدول عبئاً على الإبداع.

وهناك أيضا الكاتب نور الدين الحارثي الذي اعتبر أن الدين قمة الإبداع، والباحثة رجاء بن سلامة التي شددت على أنَّ هناك تنافرا جوهريا بين الدين والإبداع، وإن التقيا وتقاطعا، لأن الدين في حاله المؤسَّسي ينتج الأوهام ويقدم الأجوبة والحلول الجادة.

والإبداع شبيه بلعب الأطفال وبالأحلام، ينتج مالا يدَّعي أنه الحقيقة، مبينة أن التنافر بين الإبداع والدين الإسلامي قديم قدم اعتبار القرآن للشعراء كاذبين وهائمين في كل الأودية. وأما الروائية فضيلة الفاروق فرأت أن الله هو المبدع الأكبر، فالإنسان لم يصل إلى درجة الخلق والإبداع، وإنما يفكك ويعيد التركيب.

وتأسيساً على ما سبق تحاول اللوباني أن تعرض في استطلاع تال، في ما إذا كان من حق القارئ وليس السلطة الدينية، أن يقوم بمحاسبة المبدع، إن على نصه أو على سلوكه. وفي هذا الصدد يشير الروائي هاني النقشبندي إلى أن المبدع يحاسب على نصه لا على سلوكه الشخصي.

وترى الروائية زينب حفني أن الأديب الحقيقي لا يجب أن يُحاسب على نصه أو يُتحفَّظ على سلوكه أو يصبح فريسة مستهدفة بسبب إبداعاته التي فجرها في أرضية مجتمعه. وكذلك الروائية سميحة خريس التي تعتقد أن السلوك الشخصي أمر يتعلَّق بالمحيطين بالمبدع، وأما النص فهو لكل الناس، فنحن غير معنيين بسلوك أبي نواس الشخصي، ولا تصرفات المتنبي إلا بالقدر الذي تنعكس فيه على إبداعهما.

أي أن النص هو الحكم بيننا ولا يخولنا بإطلاق أحكام أخلاقية على صاحبه. والمبدع صورة عن وطنه وناسه، وهي مسؤولية خطيرة، كأنها موقع سفارة فكرية، ومع هذا فهي تشدد على أنه لا يجب أبداً محاكمة النص مختلطاً بالسيرة، وإلا حكمنا على مئات المبدعين بالتهميش.