حديث المنفى

بقلم أحمد الشهاوي

الأَرضُ سِجنٌ

والسماواتُ تَحرُسُها النيازكُ

فَانْفَلِتْ .

وادخلْ إلى عرشِ المحَبَّةِ

الموتُ مخلوقٌ

ومكانُكَ المَنْفَى

وَ سرُّكَ ذائعٌ

وزمانُ وقْتِكِ طالعٌ من وَرْدَةٍ

ستزورُ بَرْزَخناَ

وَتَفْنَى

وَتَظَلُّ نَفْسُكَ غَامِضَةْ .

أحاديث الماء

السفر الثانى

أحاديث الماء

أَعطى جسدى

لفَراغٍ ما .

وأنسى ماءَ اللحظةِ الأولى .

أكتبُ فى هواءِ الحُلمِ

حرفاً لانتحارِ مدينتينِ

أُنيمُ الرأسَ فوق وسادةِ الأرضِ

أستدعى البداياتِ

أرى عصافيرَ فى الغُرفة

ونخلتينِ مِنَالوَهَجْ

وموسيقى اتصالِ الماءِ بالمدنِ البعيدةِ

أشدُ المتعةَ

من روحُ للسماواتْ .

أمامى حُلْمٌ من الموتِ

وَخَلْفى صريعاتُ الهوى .

أسوقُ المسافةَ فى إبرةِ المَصْلِ

أُخلَّفُ الأشياءَ فى سَلّةِ الروحِ

أَرشُّ الماءَ بالماءِ

وأمشى باتجاهِ حَشائشى

فتصحو قطتى الأولى .

ما الذى رَأَتْ هذه المرأةُ

عندما فَتَحتْ باب جُهنمِها

وَبصَّتْ لِكِتابِ المُفرداتْ ؟

هل بَكَتْ تاريخَ لذّتِها

هل صَارتْ سلالمُ روحِها نَاراً

هل خَصمتْ شَوْقَاً ينامُ فى حقيبِة قَلْبهَا ..

حَطّت المرأةُ المرأةُ فى مَاءِ الوجع

واستحمَّت فى دِماءِ الذكرياتْ .

فى دمِهَا

تنامُ المرأةُ الأخرى

وَتسبحُفى الحروفْ .

وَأَنَا

كُلَّما أطفأتُ نَهْرَ تواصلى

فى الصحارى

صَحَاالفَجْرُ

وانتصبتُ مَآذنُهُ

وفى لمحةٍ

تنامُ عيونُ الأهلَّةِ

تنفضُّ الصلاةُ

يبقى مسجدى ذكرى

وينعسُ ربُّ اللذّةِ الكبرى .

لماذا أعشقُ الورقَ الأبيض

والبحرَ الأسودَ

واللونَ الأسودَ

والشَعرَ الأسودَ

والشَّعرَ الأسودَ

والسريرَ ألأسودَ

وأفرحُ عندما أُخلَّلُ بالأصابعِ ,

حشائشَ سوداً تسبحُ فى مياه القلبِ

وتستقرُ فى بابِ الدخولْ .

هلالى

ينامُ فى فَمِهَا .

صحا . .

وَخَطَّ قُرآناً جديدْ .

خَتَمَ الرسالةَ

وَأَشَركَ الفَمُ

بما أُنزِلَ .

دائماً تكذبُ

وتُخبَىءُ أشياءً . كثيرة .

لكن َسريَرها

يفضحُ .

لا أُريدُ للهاتفِ أَنْ يأتى

فكلُّ شىءٍ جاهزٌ

الأهلَّةُ مُشْرَعَة

والمآذنُ صاحية

والمياهُ تسبُ فى المياه .

هذه الصحراءُ

التى دَخَلَتْ بأسودِها

رَمَتِ الحضارةَ فى السًلالِ

وَأَبْقَت بنفسَجَهَا

فى يدى .

البابُ الذى يفرَّ

من مسافةٍ

يفتحُ قَلْبَ أخشابِِهِ

يقولُ للندى

آمين .

تَرَكتْ مناديلَ روحِهَا

الورقيةَ

وارتقت سُّلَمَاّ

لأشجارِ روحى

أَكَلَتْ كُلَّ الثمَارْ .

مَاءُ الحريرِ لى

وَفضّةُ الجَسَدْ

وَغَيْمَةٌ أَنْزَلَت مَاءَهَا

فى خيوطِ النُعاسْ .

نَسِيتْ وَرْدَهَا

ثُم جاءت بأسودَها

ورشَّتْ حُزنَهَا

فى ضلوعى .

هذه امرأةٌ

نَسِيتْ تواريخَهَا فى الأغانى

وتسألُنى

كيفَ يجتمعُ الأبيضُ الرملُ

بالأسودِ النيلِ

كيفَ يجتمعُ الأبيضُ الرملُ

بالأسودِ النيلِ

كيفَ يَلْبِسُ ماءٌ سماءً

بحجمِ اتساعى

وموتى .

أخرجُ من ترابٍ

وأمضى نحوَ هاويةٍ .

أتركُ الحبيباتِ على شرفةٍ

يصرخن لى

ولا يسألننى عودةً .

أغادرُ البيتَ , الشوارعَ , المياهَ

أبقي على سريرٍ

رائحةً للأصابعِ

مُنَبهاَّ للوقتِ فى قلبى

فوضى الأسودِ المعجونِ بالذهب

ماءً لموسيقى تنامُ على كَفَّ روحى

بياناَّ للخروجِ من الديارِ

أوراقاً لسجنٍ

وأمضى .

كيفَ لى أَنْ أهرَّبَ وطناّ

وَأَخْرُجَ .

من سيضمنُ لى عودةَّ

غيرُ ماءِ القُرى

والتفاتِتها .

هل ستنشفُ الروحُ

اذا ما تركتُ صحراءَهَا

فى الضلوعْ .

قلتُ :

بلَّغ الذين أحبُّهم أنَنى خارجٌ

وَدَعْ واحدةَّ ترانى فى المنام .

ليس ريحٌ

هى ما تقبضُ الأن

يا أحمدُ

لكنَّها روحُ التى فارقتْ .

فى أى الخزائنِ

أودعتَ سرَّكَ ؟

من يحفظُ السرَّ

غيرُ المياه .

أحملُ جُرحاً

فى يمينى .

وشمالى لا تحملُ أوراقَ الألمْ .

هل ستأتى زجاجاتٌ فى الثلج نَائِمةٌ

تعبرُ الأرضَ السماواتِ

وتُفْرغُ حَمْلَهَا فى الجسدْ .

. هل الإبرُ التى تتكدَّسُ الآَنَ

تعرفُ غربَتى

وتاريخَ الخروجْ .

قُلْ :

أنا حائرٌ

وخروجُ روحى من ديارِ محبَّتى

مينةٌ أَخرى على شجرٍ

وماءِ غمامةٍ

ووداع طائرْ .

هل ستعرفنى الأرضُ الغربيةُ

عندما يتدفّقُ دمى

من سمائى .

هل البنتُ التى تركتُها قبل أشهرٍ

وباُبها نصفُ مُغْلَقٍ

ستأتى

وَتَحْتَِضِنَّى .

هل رَصَاصُ من الغيْمِ

أو من الغيْبِ

من خَلْفِهِ

قبل أَنْأكتبَ النهايةَ .

هل الندى الذى يُغَبٌشُ الزجاجَ

يسقطُ فى الأرضِ

حاملاً إسمى .

هل الموتُ هنا شهادةٌ

وفى الديارِ موتٌ كموتْ .

هل أستطيعُ الآنَ

أَنْ أَخْرُجَ للسماءِ

دونما توجسٍ

منَ القَتْلْ .

هل التفاحةُ التى تركتُها

فى سريرِها

ستحيا

بَعْدَ مَأَتَمٍ .

هل الهاتفُ

الذى يَرِنُّ مَرّةً

فى سماءِ غُرفَتى

يعرفُ موعداً للرحيل .

هل سأركبُ الآن قلبى

أم سأتركُ الطريقَ لى

وأبدأُ

المواجهةْ