ذكريات الجوافة لجورج البهجوري: سحر الكلمة والصورة في السيرة الذاتية

 القاهرة - من إسلام أنور صدر حديثًا عن دار الثقافة الجديدة في القاهرة كتاب «ذكريات الجوافة... رسم على رسم» للفنان جورج البهجوري، يجمع الكتاب بين سحر الكلمة وروعة الصورة، متتبعاً السيرة الذاتية للبهجوري ورحلته الطويلة والممتدة مع الفن التشكيلي داخل مصر وخارجها، وعمله في الصحافة وترحاله وصداقاته مع كبار رموز الفن التشكيلى والكاريكاتير والأدب والسياسة في مصر والوطن العربي والعالم.

يرصد الكتاب رحلة البهجوري منذ ميلاده في الأقصر، جنوب مصر، ثم تنقله بين المنوفية والقاهرة، حيث التحق بكلية الفنون الجميلة وتخرج فيها عام 1955، وينتقل بعد ذلك لهجرته إلى باريس منذ 1970 ونهاية التسعينات، قبل أن يعود ليستقر مرة أخرى في القاهرة.

ويفتتح البهجوري كتابه بالحديث عن ميلاده وفقده للأم في عامه الأول وزواج أبيه من أخرى وانتقاله للعيش فى القاهرة بعد منوف والأقصر وقريته بهجور.

البهجوري قال عن شعوره بفقد والدته :«ثقة عجيبة بداخلي أنني سألتقي بها يوما في الحياة صدفة أو غير صدفة، لأني أؤمن بسذاجتي الطفولية بأن الأرواح لا تنتهي ولكن الأجساد تتغير أو تتبدل حتى آمنت بالبعث في طائر أو نبات أو شجرة أو سحابة أو عاصفة أو ربما حيوان طيب».

وينتقل البهجوري من ذكريات الصبا والبيت الذي زرع فيه أبوه شجرة الجوافة إلى شقاوة الطفولة فى الدراسة والمدرسة وحبه للغة الإنكليزية والأصدقاء الأجانب الذين يراهم مع أبيه في القرية والبيت والكنيسة، ثم لحظة اكتشاف الأهل مهارته في رسم الوجوه بأسلوب جديد ليكون ضيفا في سهرات الأغنياء ليرسم أجواء تلك السهرات.

وعن مرحلة شبابه وبزوغ نجمه والدور المهم الذي لعبته مجلة «روز اليوسف» في حياته، يقول البهجوري «أنا ابن ثورة عبدالناصر في الخمسينات، عشت العصر الذهبي لمصر حتى الستينات والسبعينات، وتألقت كرسام كاريكاتير فى مجلة روز اليوسف، قدمتني السيدة روز اليوسف واحتضنني ابنها إحسان عبدالقدوس، كونت مدرسة خاصة في الرسم بعد صاروخان ورخا وعبدالسميع وزهدي، وارتبطت رسومي برسوم حجازي ورجائي وجاهين وبهجت».

وعن سر اختيار هذا العنوان يشير البهجوري إلى أن حديقة منزله كانت تضم أكثر من خمسة أشجار من الجوافة، ومن هنا جاء اختيار ذكريات الجوافة لتكون عنوانا لرحلته مع الفن والحياة.

البهجوري ذكر في كتابه: «لو وصلت إلى الفرندة في نهايتها ستفاجأ بأجمل شجرة جوافة في حياتك إذ إنك تصبح على الفرندة كأنك واحد منهم. الجوافة عندما تقضمها تتذوق الطعم الوردي الداخلي.. لو صعدت إليها لأصبح لك منتصفها تماما. لأنك إذا عبرت الخطوة الأولى ارتفاعا إليها ستفاجئك صينية القلل الجميلة حيث تبقى وسط الشجرة على هامش الشجرة الكبيرة. هو اللون والشكل الجميل والارتفاع أيضا كأنك تتسلقها فعلا. فأنت عندما تصل إلى مجموعة القلل المثلجة ستجد لها أغطية نحاسية جميلة كالمعتاد ويضاف إليها تذوق حبة الجوافة وعندما تفتحها تجد لها لونا زاهيا جميلا هو لون الورد».

وأضاف: «لو صعدت أيضا بعد القلل الموجودة في زاوية معينة أنك تستطيع وأنت واقف أن تأكل الجوافة الوردية وتشرب الماء المثلج طبيعيا دون أي ثلاجة، ولو صعدت بعد ذلك ستدخل في الفروع الغليظة حيث تستطيع أن تجد مكانا للجلوس بين فرعين على درجة من النمو وزحام أوراق الجوافة الخضراء وليس لك وقت للهبوط تستطيع أن تحمل كراستك للرسم معك وتبقى اليوم بأكمله ترسم أو تقرأ أو تكتب، ولو جاء فكرة التفكير في مشكلة. تبقى الجوافة والعنب والليمون والنعناع هي أجمل الطرق للتفاهم بينها. شجرة الجوافة تضفي إلى الذهن أفكارا جديدة للإبداع والرسم».