الرواية العربية، حسناء في حي الفقراء!!

من يزعم إن للرواية العربية جذور، كما للرواية الأوروبية أو الإسبانية الأمريكية (اللاتينية) إنما الراجح إن تلك خرافة مستوطنة بعض الحالمين من المتشدقين، عادة بالبطولات العربية، تناسوا حقائق الوقائع التاريخية وانغمسوا مؤخرًا بتتبع فصول وهمية في علاقة الرواية العربية بعالم الرواية المتجذر بقارتي أوروبا والأمريكيتين، روسيا وأمريكا وأروبا وأمريكا اللاتينية. وُلدت من رحمهم الرواية العالمية، وتلقت الكرنفال منذ أزمان، وصدفة زُرعت الرواية العربية لاحقًا ورائدها بالمنعطف نجيب محفوظ، ولا رجاحة لمن يؤسس للرواية قبل ذلك من خلال غزل واسفاف واستحواذ ذهني.

حتى الساعة الرواية العربية، كحسناءٍ مقيمة بحيِ أموات وتتطلع لصيد الحيتان، من قراء محدودين، ونقاد معدومين، وجوائز مزاجية، وعند التقصي عن حدود وهوية تتعلق بمنجزات الرواية العالمية في الشكل والمضمون، نفتقد، أولاً الوكلاء الأدبيين القائمين عادة على ترويج المؤلف لدى دور النشر العالمية، حتى أولئك الذين فازوا بالبوكر العربية، اعترفوا بفقدانهم الوكيل الأدبي على المستوى الأجنبي.  

الترجمة، في تابوت أزلي لم يبلغ نهاية الطريق للدفن، حتى الروايات التي فازت عربيًا تُرجمت بخجلٍ ولم تبلغ مدن الفضول وبالكاد تتواجد بالمكتبات العربية على رفوف الكتب الأجنبية كأنها عاهرات منبوذات، الرواية العربية، إن لم تجد الوكيل الأجنبي ودار النشر العالمية والترجمة الكونية التي خارج أسوار المكتبات العربية الخجولة، لن تشهد الرواية العربية انتفاضة ثانية كتلك الطفرة التي صاحبت فوز نجيب محفوظ مؤسس، باعتقادي الرواية العربية العالمية. وكل ما عدا ذلك برغم ذروة الإبداع الذي لا يُنكر في روايات عربية وروائيين عرب، بلغوا قمة الإبداع، لن يشفع لهم ذلك غياب الوكيل العالمي، ودار النشر العالمية، والترجمة العالمية.

هذه القواعد التي أسّست للرواية العالمية، وبلغتها بالعقود الأخيرة دون منازع الرواية الإسبانية الأمريكية (اللاتينية) على غرار، غارسيا ماركيز، مغيل أستورياس، ماريو بارغاس يوسا، أنطونيو سكاراميتا، إيزابيل الليندي، جوزيه ماورو...هذه الرواية من هناك تجتاح منذ عقدين وأكثر المجرّة الكونية، جوائز وترجمات وآفاق غير محدودة كادت تقبر الرواية الأوربية لولا خلود أسّس له كل من ديستوفسكي ونيقولاي جوجول، ارنست هيمنجواي، جون شتاينبيك، وغيرهم...

بإيجازٍ شرس ومُحتقن بالمرارة التي يروج عنها وحولها غالبية من يعيش الوهم، تبقى الرواية العربية برغم، أبداعها الذي لا يُنكر، تشبه حسناء في حي الفقراء، بلا ملابس لائقة، أو أدوات ماكياج تعينها على إبراز مفاتنها، للرواية العربية بالقلة منها طبعًا، مفاتن لن ترى النور بفقدان القواعد الداعمة: الوكيل الأدبي، الترجمة العالمية، ودار النشر الكونية.