خسوف الاسماعيلية

تاريخ وجهي

شفتاي جاءتا مع قافلة للعبيد
كان يملكها السنوسي الأكبر
في الجغبوب أعتقهم
مازالوا يقطنون الربع الفقير ببنغازي
قرب المستشفي حيث ولدت

أولئك الاغريق
الذين أهدوني حاجبي
ما كان ببالهم البقاء بتوكره
لكنهم شموا ذات يوم
رائحة المريمية البرية
وأعلنوا بلادي مسقط رأسهم
فرسان القديس يوحنا

قصيدة لكتالوج محلات 'سيرس'

أشار عمر الي صورة رجل وردي اللون
يقود آلة حمراء لحش الاعشاب
حوله شجيرات ورد وزنابق صفراء
محاطة بنجيل لزج لماع

أصدقاء أخي، من ملاك
فيلات 'جليانه' الأنيقة
أبلغوه بحاجتهم الشديدة الي هذه الآلات

كان قد خطط ليأخذ منهم أضعاف ثمنها
ليبني مثلهم بيتا مطلا علي البحر
بعينين نصف مغمضتين
وسحاب دخان السجائر حوله
كان يبدأ بالشخير تاركا
تخطيطاته المعقدة بدون اكتمال

في غرفتي كنت أنظر
الي الرجل الوردي ثانية واحملق
في نساء لابسات حاملات صدر شفافة
آه، لكم أحببت حلماتهن السوداء
ونهودهن الرمادية

تخيلت أنني ذاهب في رحلة
مع صاحبة العينين الزرقاوين،
وأننا نقيم داخل خيمة 'كولمان'
'سعرها 42 دولارا'
ونصطاد السمك
في بحيرة لا بعوض فيها
مقلعين بالزورق المصور في الصفحة '613'
ثم نرجع لنشاهد مسلسلنا المفضل
في تليفزيوننا الملون '37 بوصة'
ذي الصندوق الماهوغوني
ثم نخرج بعدها منطلقين علي دراجاتنا النارية
'الليمونية اللون'
عبر احراش وغابات
قبل أن نعود الي بيتنا
الواسع ذي 'ال 4 غرف'
لنمارس الحب
علي فراش النوم
المصور في الصفحة '1319'
ذات صباح هبطت أنا
وأخي في نيواورلينز
في رطوبتها وجوها القائظ
رائحة المدينة اقرفتنا،
بعوضها الكثيف كان يخترق شبك النافذة
في أقرب فرع لمحل سيرس
تلمس أخي رفارف حمراء
بلون طلاء الشفاه
وأغرق أصابعه
في المقاعد الوثيرة
كان أصغر الموديلات وأجملها
مزينا بخطوط فضية وسوداء
فاحتضنه كأنه
قريب طال علينا غيابه.
وبانجليزية من اختراعه
ساوم الباعة علي الثمن وأضحكهم
بنكات فظة مليئة بالاشارات
ركبنا احد الموديلات لنجربه
علي نجيل قريب،
الشمس فوقنا ساطعة
ونسيم الصباح بارد وجميل

أوقفنا الآلة عند مطعم 'موربسونز'
وهناك اخبرتنا النادلة
أنها تشتري كل ثيابها
من محلات سيرس
تلك الليلة نزعت ملابسها بلطف
ولامست نهديها بخدي الحليقين
تنهدت فيما شهقت أنا
بهواء حجرتها المعطر بأحلامي
في الصباح أخبرتني
انني تكلمت في المنام
صرخت باحد ما
وظللت أسأله:
أي وردة تريد
أن أزرعها لك
جنب قبرك؟

أيام 1933

رجل يمشي في شارع يري امرأة ويتعقبها، يفعل ذلك لوقت مأخوذا بعودة مفاجئة للشباب. يبقي في أثرها حتي يفقدها في زحمة المحطة. سيصل بعد قليل قطار الارياف جالبا مزارعين يحملون أقفاص المانجو، أقفاص دجاج وبط.
مضي دهر طويل منذ أن جرته قدماه الي هنا، وسره أن يكون في وسط هذا الصخب. لكنه سرعان ما بدأ يحس ببلادته وشيخوخته. فالمزارعون يأتون كل يوم بالمانجو والبط والدجاج الي الاسكندرية. وكل يوم تستقل امرأة شابة قطارا ولا يراها ثانية أحد.

أيام 1959

مطر دافيء في بغداد. انهي الجزارون يومهم، لفوا ذبائحهم بالخيش. عام مضي منذ الانقلاب الاخير ومازال العويل ينبعث من سرادق العزاء. في قارب يرسو علي ضفة النهر، غافلا عن صراع الضباط والملوك، يتمرن صبي أسود علي الناي. يري الاجساد تتأرجح علي عزفه في ملهي المدينة الجديد. صوته عذب، وهذه الايام يكسب عيشه من التلاوة علي أضرحة الشهداء الجدد.