الرحـيـل إلى الأمس

ـ "لنعدْ أرجوك... البحر قلقٌ و مذعور.."
ـ يقهقه " يا لروعة المنظر!.. لكأننا نبحر في الفضاء.. انظري..لا شيء إلا اللون الأزرق"..
ـ " أرجوك يكفي..أشعر بالذعر..أنا لا أتقن العوم والليل يقتربُ و كأنه قادمٌ من أعماق البحر"..
أُلقي برأسي على حافة القارب،أتظاهرُ بالدوار..يوقفُ المحرِّك ويدنو مني ..يحملني إلى وسط المركب قائلاً
ـ " ما القصة حبيبتي؟.."
ـ " لا شيء.. أشعر بالدوار فقط"..
يغيِّرُالاتجاه ، ينظر إليّ من وقتٍ لآخر.. علامات الاضطراب تعلو وجهه، أتسلَّلُ لأطوِّقه بذراعي ، وأصرخُ
ـ " لقد نجحت الخطة..لقد نجحت الخطة"..
و لم نعدْ نذكر بعدها منذ متى والقارب في حالة سكون..
ـ " أيتها الشقية..لقد أفزعتِني، كدتُ أموتُ قلقاً عليكِ..ما حال خطتكِ الآن؟.. هل تشعرُ بالسعادة؟..".
بوميضٍ سرِّيٍّ ، كان الحبُّ ينسربُ من عينيه، يجلسُ قربي، يسندُ رأسه على كتفي و أداعبُ خصلات شعره ..
نلجُ بعدها ممالكَ المرجان، نشاركُ أسراب السمكِ طقوسَ الغزلِ البحري، نمتطي صهوة الزرقةِ ، نراودُ العمقَ من خاصرته،و...
أسمعُ معزوفةً رائعةَ العذوبة كلما قبلاته أشعلتِ النيروزَ في غابات العشقِ ..
أفتحُ عينيّ..تتلاشى الصور..أقلِّبُ الأمس، فينسابً عطرٌ دافىءٌ على الوجنتيْن، وأرحلُ..إلى الأمس البعيد..إلى أريجِ ذكرياتٍ امتشقتْ أسوارَ ذاكرةٍ تعومُ الآن فوق تلك الأمواج الصاخبة..
لكن الشمس التي خرجت للتو من معبد اللازورد ،راحتْ تصوغُ من سحرِ الجمال وشاحاً تغطّي به شرود الحواس...