دموع مترنحة وطبيب نثري

” صَباحُ الشموس الوَردية ”

قالتها بـ رِقةِ دُمية

كأنّها مَلابس جديدة لطفلٍ يُعاني،

أو مَوجة داعبت قدَمي قمَر.

ثم غادَرت اللاوَعي والوَعي

ومادُونَهما.

لن أنتظر حَتى أصَير مِصباحاً شمسي،

أو تلفازاً يَقطرُ أعوَاماً مَجيدة،

وتضحي الأشجار مَزهريات

كسرابٍ يَزحف نحو الحَافة.

*****

” لأنّ القِطط لا تنزعِج من رنين هاتفي أغني ”

أمَررُ أصَابعي في أعوادِ النجوم

أجذبُ ذيلَ غيمةٍ من هُنا لهُناك

ومن هُناك إلى هُنا.

هَكذا أواري خجلَ الشموس!

علها تنَم أو تبقى كحبةِ خال.

لماذا يَغضب البَحر عندما ننام،

ولماذا تموت الكُروم بكلِ هذا الألق؟

*****

أتذكرُها بينَ فينتين..

تحرقُ ذاكرتي عُيونها

حتى صَارت كالأقراصِ المُمَغنطةِ القديمة.

أكادُ أبكي كأيتامِ النسُور..

تخرجُ دُموعي مُترنحة كالأفاعي،

تتحولُ إلى سياراتِ أجرَة

تُداعبُ هذا وتدهَمُ هذا

وتهمسُ في قلبِ هذا.

لكنها مازالت أصُوليةِ الحُزن

كتمثالٍ للسيدةِ العذراء

بميدان السُكونِ الأسود.

كانوا يَظنونَ النجوم مَصابيح في سقفِ قصر هِرَقل

ولم أكن يومها أظنُ أنني سأكونُ وطناً للحُروف.

– هُم.. من هُم؟

– لا تعلمهم، أنتَ لم تكُ قد وُلدتَ بعد يا فتى.

– وأنتَ دائماً ماتحاولُ إحباطي،

كأني بندول لا يَعمل.

*****

” الطبولُ انعكاسٌ طفيف لصخبٍ أعظم ”

والموسيقى تزدادُ جمالاً كالبلابل،

كلما زادَ الوجَع فزِعَت الأمواج.

– ألهذا يصوبُ أصدقائي على الطيورِ يا أبي؟

– لا يا حبيبي إنهم مُجرد مجرمين كالصهاينة.

– ولكنهم مازالوا صغاراً كالنملِ يا أبي..

– اخرس ولا تجادلني يا حقير!

– يَجبُ علينا الرفق بالعصافير.

كُلُ الطرق تؤدي.. إلا طريقاً واحدة

ماذا لو كانت للطرقِ قلوب،

و” لماذا لا تأتي رُومَا إلينا..

بَدلاً من حِيرتنا بينَ الطرُق؟ ”

*****

كانت أكبرُ مَخاوفي الفراق والصَراصير السَعيدة

– عظيم.. سأعلنُ عن نقابةُ فرعية لمُحبي الصَراصير،

وشرطَ الإشتراكِ الوحيد..

إحضارَ صُرصُورين على عنوان بيتك.

تروادني الأسئلة عن نفسها،

ولا أبتغ منها العِصمَة!

هل قوائم المروحة في عقابٍ إغريقي؟

وما لونُ عَين المسيخ؟

لماذا لا يَسمن أبطال الروايات العاطفيةِ قليلاً؟

ماذا لو ثقبو السفينةَ قبلَ الطوفان؟

ماذا سَيحدث لو وضعنا أكثرَ من 9 صَناديق أفقية؟

ماذا لو آمنَ فرعون مُبكراً؟

لو لم يأكل آدمِ التفاحة؟

لو أنّ إخوةَ يُوسُف أحبوهُ منَ البداية؟

لو لم يُولد أينشتاين؟

لو كانت الملائكة ليبرالية؟

لو أنّ البصل يُدغدِغ؟

لو كانَ الكون كُلَهُ مؤامرة ضدي؟

لو أكمل هِتلر تعليمَهُ الأساسي ؟

*****

هُناكَ عطرٌ يلاحقني كأضواءِ السيارات.

عَبيرهُ تاريخي كوجهِ النهر

أحِس أثرهُ في روحي وحروفي.

عَامين وأنا أتتبّعهُ كأقمارِ المُشترى،

ولا يظهر اسمه ولو لمرة في دفترِ الهاربين.

أجدهُ في الشارعِ اللندَني..

في صوت عَمّي قبل الأخير

في فتاةٍ لا تُشبهك..

في عشٍ تحت سقف النوم

في ملابسي السوداء الداكنة.

” أن تقرأ كتاب.. خيرٌ لكَ من أن تلعنَ الظلام ”

– كيفَ أقرأ في العتمةِ يا أحمق؟

– ألم تسمَع أنّ العلمَ نور؟!

*****

كغجريٍ يرتدي بذلة بيضاء

أو مُهرج في جلبابٍ كُحلي

– ما أصابني هوَ نزيفٌ حاد،

في ثقتي الداخلية.

مَطَ شفتيهِ الرماديتين كثعلبِ الصَحراء وقال:

أنتَ مُصاب بتورم مُدهش في غددِكَ العاطفية.

وقد ظهرت عليك أعراض حُمى القلب المتصدع.

– والعمل يا ابنَ المَسامِيع؟

– اكتب ديواناً شعري بطعومٍ نثرية عن وَجعك.

*****

” أنا الخريف، وكل ضوء بَعدَ الغروب خيانة ”

كلحظةِ ما قبلَ الإعدام أعيش

عَلّ الهاتف يركضُ بي،

فينيرُ حافظةَ نُقودي.

أحِبُ الأعينَ الزرقاءَ والسوداء،

كأن صاحبيتهما تَقصدانِ قصفَ قِلاعَ رُوحي.

وأحُبُ دودةَ الأرضِ الوردية،

لأنها مُحاولة ساذجة، لإقناعي بجمالِ الموت.

*****

رُوحي كوكبُ أحزانٍ دُري،

ورَغباتي أكثرُ مِمّا تحتملُ فواتيري.

كأنّ الخوفُ ذِكرى عَطنه في أطرافي

والأحجار جرس ليذكرَ أبناءَ الفرسان:

أنّ الكوكبَ قبحٌ مَخفي لا يفنى

وأن العدَمَ يولدُ من رحمِ اللاحُضور.

وإن تضايقَ ” سَارتر ” وظهرت في صُورتهِ الثقوب

وبالتالي يضايقُ ” أوسكار وايلد ” لسرقةِ فِكرَته.

ماذا لو كانت الحقائق داخل صَناديق الكهرباء،

وكتبوا عليها ” ابتعد خطر الموت ” للتضليل؟

ولماذا لا يصنعون جهازاً لسماع الماضي

والسفرَ في تجوايفِ وحلزناتِ الأيام حتى الآن؟

ورُبما طَهَو العشاءَ الاخيرِ على نغمات ” ايفانسنس ”

الوُرودُ لُعبةُ ماكرة لإظهار الأشواك كتطعيمات.

خُدعَةٌ تستحقُ التصفيرِ بكلتا اليدين.

*****

هُنا العَريف ” مِيم ” من تحتِ الدَوران الزمَني

من يسمع صَوتي.. فليتبع غيمي،

وليشعل قنديلاُ غيبياً كجباهِ القمح.